أعراض الخرف الوعائي: ليست مجرد نسيان، بل 8 علامات تحذيرية عليك معرفتها!

هل لاحظت تغيرات مفاجئة في تفكير، أو ذاكرة أحد أحبائك؟، هل أصبح يواجه صعوبات في التخطيط، أو اتخاذ القرارات؟، قد تعتقد أن هذا مجرد ناتج عن التقدم في العمر، لكن ماذا لو كانت هذه الأعراض بداية لمشكلة أكثر تعقيدًا؟

في هذا المقال، سوف نُوضح أعراض الخرف الوعائي، الذي يُعتبر ثاني أكثر أنواع الخرف شيوعًا، وأهم 8 علامات تحذيرية قد تدل على وجود مشكلة، يمكن أن يُحدث فهم هذه الأعراض مبكرًا فرقًا كبيرًا في جودة حياة المريض، دعونا نتعرف معًا على ما هو الخرف الوعائي، وما هي أسبابه، وكيف يمكن التعامل مع أعراضه بفاعلية.

ما هو الخرف الوعائي؟

الخرف الوعائي هو ثاني أكثر أنواع الخرف شيوعًا بعد مرض الزهايمر، يُعرف هذا النوع من الخرف بتدهور الذاكرة والتفكير والسلوك والوظائف الإدراكية، والذي يحدث نتيجة انسداد في تدفق الدم إلى الدماغ

يُشار إليه أيضًا بالضعف الإدراكي الوعائي (VCI)، يحدث الخرف الوعائي بسبب نقص تروية أنسجة الدماغ، مما يؤدي إلى ظهور داء الدباق وفقدان الميالين، ورغم أن الخرف الوعائي لا يعتبر مرضًا وراثيًا في معظم الحالات، إلا أن المشكلات الصحية المرتبطة به قد تنتقل عبر الأجيال.

أسباب الخرف الوعائي

توجد عدة أسباب وراء حدوث أعراض الخرف الوعائي، وفهمها يُمكن أن يُساعد على تحديد الفئات الأكثر عرضة للخطر، ويساهم في تعزيز الوقاية.

  • السكتات الدماغية

تحدث السكتة الدماغية عندما يتوقف إمداد الدم إلى الدماغ نتيجة جلطة، أو نزيف داخلي، تُعتبر السكتات الدماغية الصغيرة والمتعددة، أو ما يُعرف بالسكتات الدماغية الصامتة أو البسيطة (السكتات الدماغية الجوفية)، من العوامل الرئيسية التي تسهم في الخرف الوعائي، حيث تسبب تلفًا في المناطق المسؤولة عن الإدراك مع مرور الوقت.

بعد حدوث السكتة الدماغية، قد يعاني الشخص من ضعف في الإدراك، والذي قد يتطور لاحقًا إلى خرف وعائي إذا تعرض جزء من الدماغ للأذى، يمكن أن تكون هذه الاختلالات نتيجة لسكتات دماغية صغيرة، وصامتة لا تظهر عليها علامات واضحة.

  • انسدادات الشرايين

تؤدي انسدادات الأوعية الدموية التي تغذي الدماغ إلى تقليل وظائفه بشكل كبير، تحدث هذه الانسدادات غالبًا بسبب تراكم الدهون على جدران الشرايين، وهو ما يعرف بتصلب الشرايين.

مع زيادة حجم هذه اللويحات، يمكن أن تعيق تدفق الدم إلى الدماغ، مما يحرم خلاياه من الأكسجين والعناصر الغذائية الضرورية، وهذا يُفضي إلى موت خلايا الدماغ، ويؤدي في النهاية إلى ضعف الإدراك.

  • ارتفاع ضغط الدم

يُعتبر ارتفاع ضغط الدم من أبرز عوامل الخطر المرتبطة بالخرف الوعائي، إذ يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تلف تدريجي للأوعية الدموية، مما يزيد احتمالية انسدادها أو تمزقها، قد تتسبب السكتات الدماغية المتكررة التي لا تُلاحظ في تدهور القدرة الإدراكية، مما يعزز الحاجة لإدارة ضغط الدم بفعالية للحد من خطر الإصابة بأعراض الخرف الوعائي.

  • السكري

يساهم داء السكري في زيادة خطر الإصابة بالخرف الوعائي، فعندما يرتفع مستوى السكر في الدم لدى المرضى، يُمكن أن يتسبب ذلك في إلحاق الضرر بالأوعية الدموية في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الدماغ، وهذا يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث السكتات الدماغية، وأمراض أخرى تؤثر على تدفق الدم إلى الدماغ، مما يزيد من مخاطر الإصابة بالخرف الوعائي.

  • مخاطر أخرى

توجد عدة أسباب إضافية للخرف الوعائي بجانب ما تم ذكره سابقًا، ومن أبرزها:

  • التدخين: يتسبب التدخين في تلف الأوعية الدموية، مما يرفع من احتمالية الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب، وهذا قد يؤدي إلى أعراض الخرف الوعائي.
  • السمنة: يواجه العديد من الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن خطرًا أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب، التي قد تسهم في ظهور الخرف الوعائي.
  • التاريخ العائلي: يزيد وجود تاريخ عائلي للإصابة بالسكتة الدماغية، أو أمراض القلب من خطر الإصابة بالخرف الوعائي، حيث يمكن أن تكون هذه الحالات وراثية.

مراحل الخرف الوعائي

يمكن أن يختلف تطور أعراض الخرف الوعائي بشكل ملحوظ، ويعتمد ذلك بشكل كبير على الأسباب الكامنة وراءه، حيث تحدث فترات من الاستقرار تليها تراجعات سريعة، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بأحداث وعائية في الدماغ مثل السكتات الدماغية، ويمكن تصنيف المراحل بشكل عام كما يلي:

  1. المرحلة المبكرة: تظهر فيها علامات ضعف إدراكي خفيف، مع صعوبات في حل المشكلات أو التخطيط.
  2. المرحلة المتوسطة: تتجلى فيها أعراض أكثر وضوحًا، مثل فقدان الذاكرة، الارتباك، وصعوبة أداء الأنشطة اليومية.
  3. المرحلة المتأخرة: يشهد فيها الشخص تدهورًا إدراكيًا حادًا، مما يجعله بحاجة إلى المساعدة في معظم المهام، وقد يفقد القدرة على التواصل، أو التعرف على أفراد أسرته.

أهم 8 أعراض الخرف الوعائي

تعتمد أعراض الخرف الوعائي على مدى تضرر مناطق معينة في الدماغ، وعادةً ما تأتي هذه الحالة مع مجموعة متنوعة من الأعراض الإدراكية والجسدية.

  • الأعراض الإدراكية

يؤثر الخرف الوعائي بشكل أساسي على الذاكرة، والتفكير ومهارات حل المشكلات، وتشمل هذه الأعراض ما يلي:

  1. فقدان الذاكرة: يعاني الكثير من مرضى الخرف الوعائي من صعوبة في تذكر المعلومات الحديثة، حيث قد يحتفظون بتفاصيل حول أحداث سابقة لكنهم ينسون ما تم مناقشته، أو المطلوب منهم القيام به منذ دقائق قليلة.
  2. صعوبة في حل المشكلات واتخاذ القرارات: يجدون صعوبة في تحليل المواقف، واتخاذ قرارات مناسبة عندما يتطلب الأمر خطوات متعددة.
  3. نقص الحكم: يبدأ الأشخاص في اتخاذ قرارات غير ملائمة من الناحية المنطقية أو الاجتماعية، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة ضعف القدرة العقلية.
  4. تباطؤ التفكير: تزداد مدة عملية التفكير، مما يجعل فهم الأمور، وإكمال الأنشطة يستغرق وقتًا أطول من المعتاد.
  5. فقدان الاتجاه والارتباك: يفقدون بسرعة إحساسهم بالزمن أو تسلسل الأحداث.
  • الأعراض الجسدية

إلى جانب الضعف الإدراكي، يتسبب الخرف الوعائي في ظهور مجموعة من الأعراض الجسدية، وذلك نظرًا لحدوث السكتات الدماغية، أو تلف الأوعية الدموية التي تؤثر على المناطق المسؤولة عن الحركة والتنسيق في الدماغ:

  1. الضعف أو الخدر: يمكن أن يشعر المريض بضعف، أو خدر في جانب واحد من الجسم، وغالباً ما يكون ذلك نتيجة لسكتات دماغية سابقة.
  2. صعوبة في المشي والتنسيق: قد يواجه المريض صعوبة في المشي بشكل مستقل، أو في الحفاظ على التوازن، مما قد يؤدي إلى سقوطه.
  3. سلس البول اللاإرادي: قد يظهر في بعض الحالات، خاصة في المراحل المتقدمة، نتيجة لتلف المناطق الدماغية المسؤولة عن هذه الوظائف.

تشخيص أعراض الخرف الوعائي

تشخيص ضعف الإدراك الوعائي يعد أمرًا صعبًا للغاية. ومع ذلك، ينبغي على الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بالخرف إجراء اختبارات معينة لتقييم قدراتهم الإدراكية، يشتمل تشخيص الخرف الوعائي على الاختبارات التالية:

  • جمع التاريخ المرضي من المريض، أو أفراد أسرته.
  • إجراء فحص شامل للجسم والجهاز العصبي، مع تقييم الذاكرة والاستدلال والتفكير.
  • إجراء فحوصات دم للتحقق من وجود نقص في الغدة الدرقية أو الفيتامينات، وكذلك مستويات الكوليسترول والسكر في الدم.
  • إجراء تخطيط قلب للتأكد من وظائف القلب.
  • استخدام تقنيات تصوير الدماغ مثل التصوير المقطعي المحوسب، وMRI لتحديد أي احتشاءات أو سكتات دماغية أو تشوهات في الدماغ.

علاج الخرف الوعائي والوقاية منه

هل يمكن الشفاء من الخرف الوعائي؟ على الرغم من عدم وجود علاج نهائي للخرف الوعائي، إلا أن هناك علاجات يمكن أن تساهم في إدارة أعراض الخرف الوعائي، ومعالجة الحالات الأساسية مثل ارتفاع ضغط الدم، داء السكري، والسكتات الدماغية التي تساهم في تفاقم المرض، ورغم أن هذه العلاجات قد تُحسن من جودة الحياة، إلا أنها عادةً لا توقف أو تبطئ بشكل واضح من تقدم الحالة.

1. العلاج الدوائي للخرف الوعائي

يركز العلاج الطبي للخرف الوعائي على إدارة الحالات التي تؤدي إلى تلف الأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم، داء السكري، وأمراض القلب، بهدف تقليل المخاطر. يتضمن العلاج ما يلي:

  • إدارة الأمراض الأساسية: إن السيطرة على هذه الحالات تقلل من خطر تفاقم تلف الأوعية الدموية، تشمل الأدوية المستخدمة لعلاج هذه الحالات أدوية ضغط الدم، الستاتينات، وأدوية السكري.
  • بعض الأدوية: تساعد في تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، مما قد يقلل من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية أو الانسدادات اللاحقة، من بين هذه الأدوية، توجد مضادات الصفيحات الدموية مثل الأسبرين ومضادات التخثر مثل مُميّعات الدم، التي تساعد على منع الجلطات.

2. تغيرات في نمط الحياة

تعتبر تغييرات نمط الحياة عنصرًا أساسيًا في إدارة أعراض الخرف الوعائي، والحد من تدهور الوظائف الإدراكية. تشمل هذه التغييرات ما يلي:

  • اتباع نظام غذائي ونمط حياة صحي: يساعد النظام الغذائي المتوازن الذي يتضمن الفواكه، والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتينات منخفضة الدهون في تقليل خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم تقليل كميات الملح والسكر والدهون غير الصحية في الحفاظ على ضغط الدم، ومستويات الكوليسترول ضمن الحدود الصحية.
  • ممارسة النشاط البدني بانتظام: من الفوائد المهمة للنشاط البدني هو تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، مما قد يقلل من احتمالية حدوث السكتات الدماغية ومشاكل الأوعية الدموية، حتى التمارين البسيطة مثل المشي السريع لها تأثير إيجابي.
  • تخفيف التوتر: يعتبر التوتر أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع ضغط الدم، مما يؤثر سلبًا على الصحة العامة، يمكن أن يسهم دمج تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل وتمارين التنفس العميق واليوغا في إدارة التوتر بشكل فعال، لا تعزز هذه الأنشطة الاسترخاء فحسب، بل تسهم أيضًا في تحسين مستوى ضغط الدم.

3. العلاجات الطبيعية

يلجأ بعض المرضى إلى استخدام الأعشاب، أو المكملات الغذائية لتخفيف الأعراض المرتبطة بهذه الحالة، وعلى الرغم من قلة الأدلة العلمية التي تدعم فعالية هذه العلاجات، فإن هناك مرضى يشيرون إلى أنها تساعد في التحكم بالأعراض.

من المهم استشارة الطبيب قبل تجربة أي مكملات، أو أعشاب جديدة لضمان سلامتها، وعدم تداخلها مع الأدوية التي يستخدمها المريض حاليًا.

التعامل مع مريض الخرف الوعائي

يتطلب التعامل مع مريض الخرف الوعائي فهمًا ومرونة، حيث إنه بتطبيق استراتيجيات فعالة، يمكن تعزيز جودة حياة المريض ودعم استقلاليته.

1. تعزيز الوظائف الإدراكية

  • الروتين والتكرار: من المهم توفير جدول يومي منظم لتعزيز الذاكرة، يمكن استخدام تذكيرات بسيطة وأدوات، مثل علب الأدوية الذكية لدعم قدرة الذاكرة.
  • تبسيط المهام: يجب تقسيم المهام المعقدة إلى خطوات صغيرة وسهلة، مع تقديم تعليمات بسيطة وواضحة حتى بالنسبة للمهام اليومية المعتادة.
  • تقليل المشتتات: لتحسين التركيز، من الضروري توفير بيئة هادئة وخالية من الضوضاء، يجب مساعدة المريض على إتمام مهمة واحدة في كل مرة لتفادي الارتباك.

2. إدارة التغيرات السلوكية  

  • فهم الأسباب: حاول التعرف على المحفزات التي تؤدي إلى السلوكيات المزعجة، قد تعكس هذه السلوكيات، أوجاعًا أو مشاعر ضيق لا يستطيع المريض التعبير عنها.
  • تقييم الأمان: قم بتمييز بين السلوكيات المزعجة ولكنها غير خطيرة (مثل تكرار الأسئلة)، والسلوكيات التي تشكل تهديدًا للسلامة (مثل التجول)، تحتاج السلوكيات الخطيرة إلى تدخل فوري.
  • التحلي بالصبر والمرونة: تذكر أن التغيرات في المزاج والسلوكيات تنجم عن المرض ولا تكون مقصودة، لا تأخذ تلك السلوكيات بشكل شخصي.
  • طلب الدعم: إذا كان حمل الرعاية ثقيلًا، فلا تتردد في طلب المساعدة من مجموعات الدعم، أو برامج الرعاية النهارية.

الخلاصة

الخرف الوعائي هو حالة خطيرة تؤثر بشكل كبير على الحياة، حيث تضعف القدرات العقلية والجسدية، يحدث هذا النوع من الخرف بشكل رئيسي نتيجة تلف الأوعية الدموية في الدماغ، والذي غالبًا ما يكون بسبب السكتات الدماغية، أو الانسدادات أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري.

يمكن أن يساعد التشخيص والعلاج المبكران في التحكم في الأعراض، وقد يساهمان في إبطاء تقدم المرض وتحسين جودة الحياة.

إذا كنت تعاني أو يعاني أحد أفراد أسرتك من أعراض الخرف الوعائي، فيجب عليك استشارة طبيب على الفور.

المصادر

اذهب إلى الأعلى