أسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى: دليلك الشامل حتى لا تتكرر المعاناة

تُعَدُّ الأسابيع القليلة الأولى من الحمل فترةً تتسم بالإثارة والتوتر معًا بالنسبة للأمهات الحوامل، حيث  تُعتبر مرحلةً محوريةً لتطور الأم والجنين على حد سواء، ومع ذلك، فإن هذه الفترة تحمل في طياتها حساسيةً بالغة، حيث يُمكن أن تنتهي نحو 20% من حالات الحمل بالإجهاض، وغالبًا ما يتحقق ذلك قبل أن تدرك الأم خبر حملها.

تتنوع أسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى، وبعضها خارج عن نطاق السيطرة. لذا، يُعتبر فهم الأسباب المحتملة التي قد تُؤدي إلى الإجهاض أمرًا بالغ الأهمية، كي تكون النساء أكثر وعيًا واستعدادًا لتلك الرحلة المعقدة، وتتمثل في:

خلل الكروموسومات والاجهاض

تُعد التشوهات الجينية، أو الكروموسومية للجنين مشكلة شائعة تؤثر على ما بين 50% إلى 80% من حالات الإجهاض المتكرر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وعندما تتكرر هذه التشوهات، يمكن أن تسهم بشكل كبير في حالات الإجهاض.

في حال تعرضتِ للإجهاض مرتين أو أكثر، يُستحسن لكِ ولشريككِ إجراء فحص النمط النووي، حيث يهدف هذا الفحص إلى التأكد من وجود انتقال كروموسومي متوازن، الذي يحدث في حوالي 4% من الحالات لدى كلا الوالدين.

في الغالب، لا تظهر على الأفراد الذين لديهم انتقال كروموسومي أي علامات، أو أعراض جسدية، إلا أن بعض بويضاتهم، أو حيواناتهم المنوية قد تحتوي على كروموسومات غير طبيعية، وإذا حصل الجنين على كمية غير متوازنة من المادة الوراثية، سواء كانت قليلة جدًا أو كثيرة جدًا، فقد يؤدي ذلك غالبًا إلى الإجهاض.

الاضطرابات الهرمونية

يُعتبر الأنسولين مادة سامة تؤثر سلبًا على القدرة على الإنجاب، حيث يزداد احتمال فقدان الحمل ثلاث مرات لدى النساء اللواتي يعانين من مقاومة الأنسولين، والتي تُعرف أيضًا بمرحلة ما قبل السكري.

هذه المعلومات ذات أهمية كبيرة، حيث يوجد الكثير من المعرفة حول طرق علاج مقاومة الأنسولين، بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم السيطرة على داء السكري، واضطرابات الغدة الدرقية، وارتفاع مستويات هرمون البرولاكتين، تعتبر جميعها عوامل قد تساهم في حدوث الإجهاض.

نقص هرمون البروجسترون في المرحلة الأصفرية

حوالي 35% من النساء اللاتي يواجهن حالات إجهاض متكررة يعانين من خلل في الطور الأصفر، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون البروجسترون، من المهم جدًا معرفة هذه المعلومات، لأنه يمكن علاج انخفاض مستويات البروجسترون بمجرد اكتشافه، حيث يعتبر البروجسترون الهرمون المسؤول عن الحفاظ على بطانة الرحم لفترة كافية لحدوث الانغراس بعد الإباضة والحمل.

أمراض المناعة الذاتية

توجد أمراض مناعية ذاتية معينة تنشأ عندما تقوم الأم بإنتاج أجسام مضادة تؤدي إلى حدوث تخثر في الأوعية الدموية، مما يؤثر سلبًا على نمو الجنين. هذا التخثر يحرم الجنين من العناصر الغذائية الضرورية للنمو، مما قد يؤدي غالبًا إلى وفاته داخل الرحم، بالإضافة إلى إمكانية حدوث الإجهاض.

يمكن إجراء فحوصات دم لتشخيص هذه الأمراض المناعية الذاتية، خاصةً في حال تعرضتِ لثلاث حالات إجهاض أو أكثر.

تشوه الحيوانات المنوية والاجهاض

أظهرت دراسة حديثة أن عوامل، مثل ضعف كثافة الحيوانات المنوية، وقدرتها على البقاء، ومعدل حركتها وشكلها، ترتبط بشكل وثيق بأسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى، كما يُحتمل أن يكون ضعف مؤشر تجزئة الحمض النووي للحيوانات المنوية عاملاً مساهمًا في زيادة حالات الإجهاض.

هل تشوهات الرحم تمنع الحمل؟

تُعتبر التشوهات البنيوية في الرحم أحد أسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى لحوالي 15% من حالات الإجهاض، يمكن أن تكون هذه التشوهات موجودة منذ الولادة أو تكون خلقية، مثل الرحم المزدوج، أو الرحم المقسم بجدار (الرحم المنفصل).

يُعتبر الرحم المنفصل من أكثر الاضطرابات شيوعًا المرتبطة بالإجهاض، حيث يؤدي إلى تقسيم الرحم إلى قسمين بواسطة جدار من الأنسجة، كذلك، توجد أورام حميدة أو ليفية قد تتسبب في مشاكل لبعض النساء، قد تظهر هذه الأورام في أي منطقة من الرحم، ويمكن أن لا تسبب أي مشكلات على الإطلاق، أو قد تؤدي إلى مجموعة من المشاكل.

يمكن أن تؤدي الندوب في الرحم إلى حدوث الإجهاض، لكن هذا الأمر ليس دائمًا خطيرًا، إذ يمكن معالجة معظم هذه الحالات جراحيًا قبل الحمل، مما يزيد من فرص حدوث حمل صحي، من المهم استشارة أخصائية الرعاية الصحية لتقييم هذه المشكلة، أو للتحقق من وجودها.

بالإضافة إلى ذلك، قد تكون متلازمات، مثل متلازمة أشمان مرتبطة بحالات الإجهاض المتكرر، حيث تتشكل التصاقات وندوب في الرحم، وقد يحدث ذلك قبل أن تدرك المرأة أنها حامل.

التعرض لمسببات مشاكل الغدد الصماء

استخدام منتجات العناية الشخصية المعطرة، وكذلك الملينات والمنظفات المنزلية، مرتبط بارتفاع خطر الإجهاض المتكرر والإصابة بمرض السكري خلال فترة الحمل، وغالبًا ما يُعتبر هذا العامل من أسهل العوامل التي يمكن تغييرها. لذلك، يُنصح بقراءة ملصقات منتجات التجميل والتنظيف بعناية، وتجنب الفثالات والبارابين والمنتجات التي تحتوي على الفينولات.

اختيارات نمط الحياة

تدرك العديد من النساء أهمية الابتعاد عن الكحول والمخدرات، والسعي للإقلاع عن التدخين عند التخطيط للحمل، لكن يُعتبر الكافيين أحيانًا عاملاً خطرًا قد نغفل عنه، لذلك يُعد أحد أسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى.

وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن النساء قد يواجهن خطرًا أكبر للإجهاض إذا تناولت هي أو شريكها مشروبين، أو أكثر من المشروبات المحتوية على الكافيين قبل الحمل، كما وُجد أن تناول مشروبين، أو أكثر من هذه المشروبات يوميًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل يمكن أن يرتبط بزيادة خطر الإجهاض.

واحدة من طرق “تراكم العادات” لتقليل هذا الخطر المحتمل هي إجراء تغييرات بسيطة، على سبيل المثال، يمكنكِ استبدال حبوب منع الحمل بفيتامينات ما قبل الولادة، أو استبدال المشروبات المحتوية على الكافيين بمشروبات تساهم في دعم صحة ما قبل الولادة.

العدوى

يمكن أن يُنسب ما يصل إلى 15% من حالات الإجهاض المتكرر إلى عدوى فيروسية مثل الإنفلونزا، أو عدوى بكتيرية تسبب التهاب المهبل الجرثومي، يُعتبر هذا أحد أسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى، التي يمكن السيطرة عليها، إذ يكمن المفتاح في التشخيص الدقيق، والعلاج المخصص لكل حالة على حدة.

عدم وجود سبب واضح للإجهاض المتكرر

من الشائع جدًا أن لا يكون هناك سبب واضح للإجهاض المتكرر، حيث يحدث لدى حوالي 50-75% من النساء دون تفسير واضح لفقدان الحمل، قد تظهر بعض المؤشرات، لكن لا توجد إجابة واحدة مؤكدة.

قد يطلب منك مقدم الرعاية الصحية معلومات عن تاريخك الطبي، وتجارب الحمل السابقة لتقييم أسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى المحتملة، كما قد يقوم بإجراء فحص بدني شامل، بما في ذلك فحص الحوض، بالإضافة إلى فحوصات الدم للكشف عن أي مشكلات في الجهاز المناعي، أو عوامل وراثية، أو اضطرابات محتملة، وقد تتضمن الفحوصات أيضًا تصويرًا لتحديد ما إذا كانت هناك مشكلة في الرحم.

بمجرد تحديد حالات الإجهاض المتكرر لديك، وإذا كان ذلك ممكنًا، قد يقترح مقدم الرعاية الصحية علاجًا مناسبًا لمعالجة المشكلة.

أكلات تسبب الإجهاض تجنبها في الشهور الأولى

يبدو أن تحقيق الحمل الناجح هو أفضل خبر يمكن أن تسمعيه، إلا أن الشهر الأول من الحمل يعتبر فترة حاسمة، حيث أن كل ما تقوم به الأم خلال هذه الفترة يؤثر بشكل مباشر على الجنين. ومع ذلك، هناك بعض الأنواع التي يُفضل تجنبها، أو تناولها بحذر، لأنها قد تكون أحد أسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى.

  • اللحوم غير المطبوخة جيدًا: يُنصح بتجنب تناول اللحوم النيئة أو غير المطبوخة بشكل جيد، مثل السوشي واللحوم النادرة، لأن هذه الأطعمة قد تحتوي على بكتيريا أو طفيليات ضارة مثل الليستيريا والتوكسوبلازما، والتي يمكن أن تؤثر سلبًا على صحة الأم والجنين. 
  • الأسماك البحرية: ينبغي على الحامل الابتعاد عن الأسماك الكبيرة المفترسة التي تحتوي على نسب مرتفعة من الزئبق، مثل سمك القرش، وأبو سيف، والماكريل الملكي، لأن الزئبق قد يؤثر سلبًا على نمو الجهاز العصبي للجنين، بينما يُفضل تناول الأسماك المنخفضة الزئبق، مثل السلمون والسردين، كونها تعد مصدرًا ممتازًا للأوميجا 3.
  • البابايا غير الناضجة والأناناس: تحتوي البابايا غير الناضجة على إنزيم “اللاتكس” الذي يمكن أن يتسبب في انقباضات الرحم. بينما الأناناس، إذا تم تناوله بكميات كبيرة جدًا، قد يؤثر على الحمل، لكن الكميات الطبيعية منه تعد آمنة تمامًا، يُستحسن تجنب البابايا غير الناضجة كإجراء احترازي. 
  • الكافيين بكميات كبيرة: يُفضل تقليل استهلاك الكافيين إلى أقل من 200 ملليجرام يوميًا، حيث يؤثر الإفراط في تناول الكافيين سلبًا على نمو الجنين، ويزيد من خطر الإجهاض.
  • الخضراوات والفاكهة غير المغسولة: من المهم تنظيف الفواكه والخضروات بشكل جيد قبل تناولها، حيث قد تحتوي على بكتيريا “التوكسوبلازما” التي توجد في التربة.

أشهر 7 تمارين ممنوعة للحامل في الشهر الأول

على الرغم من أهمية ممارسة الرياضة خلال فترة الحمل، إلا أنه من الضروري معرفة التمارين التي ينبغي الابتعاد عنها. نستعرض فيما يلي 7 أنواع من التمارين التي يجب تجنبها أثناء الحمل، لأنها تندرج ضمن قائمة أسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى.

  1. الرياضات التي تتطلب احتكاكًا جسديًا: أي نشاط رياضي يتضمن اتصالًا مباشرًا مع الجسم، خاصة تلك التي تشمل السرعة أو تزيد من خطر السقوط، مثل ركوب الخيل أو ركوب الدراجات.
  2. تجنب رفع الأثقال: التي تزيد عن 10 أرطال بشكل متكرر؛ بالنسبة للأمهات اللاتي لديهن أطفال صغار، قد يكون من الصعب ذلك، لذا يُفضل تقليل الوزن الزائد، ومحاولة النزول لمستوى الأطفال عند اللعب معهم.
  3. الابتعاد عن القرفصاء العميق والاندفاع: حيث قد يسبب ذلك ضغطًا كبيرًا على الأربطة التي تكون بالفعل في حالة استرخاء حول منطقة الحوض.
  4. يجب تجنب الاستلقاء على الظهر لأكثر من دقيقتين أثناء أداء التمارين الرياضية، حيث يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على تدفق الدم في الوريد الأجوف.
  5. ينبغي الابتعاد عن ممارسة التمارين في درجات حرارة مرتفعة، مثل غرف اليوجا/البخار الساخنة والساونا.
  6. من الأفضل تجنب تمارين الجلوس أو الالتفاف، أو رفع الساقين المزدوجتين أثناء ممارسة اليوجا أو البيلاتس، حيث إن ذلك قد يزيد الضغط على منطقة البطن.
  7. يجب الحذر من تمارين عالية التأثير؛ مثل التمارين الهوائية، أو التمارين الهوائية المتدرجة، لأنها قد تسبب ضغطاً إضافيًا على المفاصل، التي تكون في حالة استرخاء بالفعل.

كيفية التعامل مع الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى

يتطلب التاريخ المتعلق بالإجهاض المتكرر إجراء تقييم وعلاج شامل، لتحديد الأسباب المحتملة، يتم إجراء مجموعة متنوعة من الفحوصات لكل من الأم والأب، وقد يتضمن ذلك أيضًا فحص أنسجة الجنين عند الحاجة. تشمل هذه الفحوصات ما يلي:

  • دراسات تخثر الدم (تُجرى في حالة وجود تاريخ شخصي، أو عائلي مرتبط بالإصابة بالانسداد الوريدي الخثاري).
  • الفحص التشريحي / التصوير بالموجات فوق الصوتية (مثل اختبار الموجات فوق الصوتية أو HSG / الأشعة السينية).
  • اختبار الاضطرابات المناعية الذاتية (في حالات فقدان 3 مرات أو أكثر).
  • اختبار الكروموسومات للمنتجات الحملية بعد الخسائر (يمكن اختبار الحمض النووي للجنين من عينات محفوظة بالفورمالين في حال حدوث إجهاض سابق)
  • اختبار مقاومة الأنسولين، والسكري، وأمراض الغدد الصماء الأخرى المرتبطة بالغدة الدرقية والغدة النخامية.
  • اختبار الكروموسومات للآباء للبحث عن الانتقالات المتوازنة.

الخلاصة

يُعد فهمكِ لأسباب الإجهاض المتكرر في الشهور الأولى خطوة حاسمة نحو فهم جسمكِ وما يحدث، وزيادة وعيكِ لتجنب الأخطاء في الحمل القادم، كما أنه من الضروري استشارة مقدم الرعاية الصحية، وإجراء الفحوصات الدورية الشاملة لاكتشاف أين تكمن المشكلة، ومحاولة علاجها.

المصادر

اذهب إلى الأعلى