التغذية الحدسية: دليلك الكامل لبناء علاقة صحية مع الطعام
هل سئمت من اتباع الحميات الغذائية التقليدية؟ تعبت من الحرمان من طعامك المفضل؟، هل تشعر بتأنيب الضمير عند تناول الشوكولاتة، أو أي طعام آخر لا يُنصح به أثناء الدايت؟
تُقدم لك مختبرات دلتا الطبية الحل لهذه المشكلة، وهي التغذية الحدسية، التي تعتمد على الاستمتاع بالطعام، والتحرر من القيود الصارمة التي تفرضها الحميات التقليدية، ولمزيد من التفاصيل تابع معنا السطور القادمة.
ما هي التغذية الحدسية؟
تعتبر هذه التغذية نهجًا غذائيًا متميزًا يختلف كليًا عن الحميات التقليدية التي تفرض قيودًا صارمة، تعتمد هذه الفلسفة على الانتباه العميق لإشارات الجسم الداخلية المتعلقة بالجوع والشبع، ولا تقتصر هذه الإشارات على الجوع الجسدي فقط، بل تشمل أيضًا المحفزات العاطفية، أو الخارجية التي قد تؤثر في رغبتنا في تناول الطعام.
تتميز هذه التغذية بالمرونة التامة، حيث لا توجد أي قيود على أنواع الأطعمة، أو كمياتها، أو أوقات الوجبات، الهدف الرئيس هو التعرف على السبب الحقيقي وراء “الجوع” والاستجابة له بوعي، سواء كان جوعًا جسديًا (كالشعور بالدوار، التهيج، أو صوت المعدة)، أو جوعًا عاطفيًا (مثل الرغبة في تناول طعام معين بسبب التوتر أو الملل).
ما هي أهمية التغذية الحدسية؟
تُعتبر هذه التغذية ليست مجرد نظام غذائي فحسب، بل هي نهج حياتي يرتقي بالصحة العقلية والجسدية معًا، وتبرز أهميتها في عدة جوانب رئيسية.
- تحسين الصحة النفسية: ترتبط التغذية الحدسية بتحقيق صورة إيجابية للجسم وزيادة الثقة بالنفس، كما أنها تساهم في تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب، والشعور بالذنب تجاه تناول الطعام.
- استقرار الوزن: تعزز الحفاظ على وزن صحي وثابت، بدلاً من الانغماس في دورات الحميات القاسية التي تتسبب في تقلبات غير مرغوبة في الوزن.
- علاقة صحية مع الطعام: تشجع الأفراد على الانتباه لإشارات الجوع والشبع الطبيعية لجسدهم، مما يؤدي إلى تقليل الأكل العاطفي والشعور بالحرمان.
- تحسين المؤشرات الصحية: قد تسهم في خفض ضغط الدم، وتحسين نوعية النظام الغذائي بصفة عامة، مما يعود بالنفع على الصحة الجسدية بشكل ملموس.
- الحرية من القيود: تحرر الأفراد من ضرورة حساب السعرات الحرارية، أو متابعة الوزن، مما يمنحهم شعورًا بالحرية، والاستقلالية في اختياراتهم الغذائية.
مبادئ التغذية الحدسية ال 10
يُعتبر الالتزام بـ 10 مبادئ أساسية خطوة يسيرة نحو اتباع نظام التغذية الحدسي، ويتمثل ذلك في:
-
رفض مفهوم الحميات الغذائية السريعة:
نعيش في مجتمع يقدّر النحافة، ويشجع على الأنظمة الغذائية السريعة، لكن الدراسات تُظهر أن هذه الأنظمة غالبًا ما تفشل، وتؤدي إلى تقلبات في الوزن.
الحقيقة هي؛ أن الصحة لا تُقاس بالوزن فقط، لذا فإن التوجه نحو التغذية الحدسية يتطلب رفض الحلول السريعة لإنقاص الوزن.
-
احترام جوعك:
من المهم أن تتعلم كيف تميز إشارات الجوع، وكيف تتفاعل معها، احترام جوعك يعني تناول الطعام عندما تشعر بالجوع، بغض النظر عن الوقت.
قد يكون الأمر صعبًا في البداية، خصوصًا أن العديد من الحميات تشجع على تجاهل هذه الإشارات.
-
التصالح مع الطعام:
الغذاء ليس عدوًا! يجب ألا ينظر الناس إلى أي نوع من الأطعمة على أنه ممنوع، إلا في حالات الحساسية أو عدم التحمل.
فعندما يسمح الناس لأنفسهم بتناول الطعام بحرية، فإن ذلك يساعدهم على تجنب الانجراف وراء الرغبات القوية في الأكل، أو مشاعر الحرمان، أو الإفراط في تناول الطعام.
-
تحدي قواعد شرطة الغذاء:
تشير “عقلية شرطة الغذاء” إلى الأفراد الذين يروجون لفكرة أن الطعام يجب تقييمه من منظور أخلاقي، قد يظنون أن الأطعمة الصحية تعتبر جيدة بينما الأطعمة غير الصحية تعتبر سيئة.
لكن هذه الأفكار ليست دقيقة، حيث يشجع مفهوم الأكل الحدسي الأفراد على تجاوزها.
-
احترام شعور الشبع:
الانتباه لإشارات الشبع، والتوقف عن تناول الطعام عند الإحساس بالراحة يعد جزءًا أساسيًا من التغذية الحدسية، حيث يتطلب هذا الأمر التمهل أثناء الأكل، وزيادة الوعي أثناء تناول الطعام، والثقة في قدرة جسمك على إخبارك بما يحتاجه.
-
اكتشاف عامل الرضا:
إن اختيار الأطعمة التي تفضلها حقًا يعزز لديك شعور الرضا، من المهم تخصيص الوقت للاستمتاع بنكهة الطعام وملمسه، فذلك يعد أساسيًا لتحقيق هذا المبدأ.
-
التعامل مع المشاعر:
في بعض الأحيان، قد نلجأ إلى الطعام كوسيلة لتهدئة أنفسنا، لكن من الضروري معرفة أن الطعام لا يقدم حلولاً للمشاكل العاطفية.
لذلك، ينبغي علينا العمل على تطوير استراتيجيات بديلة للتعامل مع المشاعر السلبية، مثل التحدث مع صديق، أو ممارسة الرياضة.
-
احترام الجسم:
تفرض ثقافة الحميات معايير جمالية غير منطقية، تدعوك التغذية الحدسية لتقبل أن كل جسم يختلف عن الآخر ويتميز بفرديته، يجب أن يكون التركيز على معاملة جسمك باحترام، وعلى إبراز إيجابياته.
-
ممارسة الرياضة – الشعور بالتغيير:
بدلاً من التركيز على التمارين الرياضية بهدف فقدان الوزن، يشجع مفهوم التغذية الحدسية على ممارسة الحركة من أجل الاستمتاع، والفوائد الإيجابية التي تعود على الجسم والعقل.
-
التغذية اللطيفة:
يتعلق هذا المبدأ بأساسيات التغذية السليمة، على الرغم من أهمية تناول مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية، إلا أنه ليس من الضروري أن تكون كل وجبة مثالية.
إن تناول الطعام بغرض المتعة، والرضا يسهم في تحقيق أسلوب حياة صحي، وممتع على المدى الطويل.
ما الفرق بين الأكل البديهي والدايت؟
هناك عدة فروق بين الأكل الحدسي وأنظمة الدايت، تتمثل في:
الأكل البديهي (الحدسي)
- يشجع على إقامة علاقة صحية مع الطعام، ويدعو إلى إدراك الجوع واحترامه. صاغت أخصائيتا التغذية إيفلين تريبول وإليز ريش مصطلح “الأكل الحدسي” في كتابهما “الأكل الحدسي: نهج غذائي ثوري” الذي صدر في عام 1995.
- يعتبر الأكل الحدسي بديلاً للأنظمة الغذائية التقليدية، حيث يركز على بناء صورة إيجابية للجسم، والتصالح مع الطعام، والاستماع إلى احتياجات الجسم.
- كما يشدد على تكريم الجوع من خلال تناول أطعمة تفيد الصحة البدنية والعقلية، ويتطلب من الشخص الانتباه لإشارات الجوع لديه، وتناول ما يرغب فيه دون الشعور بالذنب.
الدايت (الحميات الغذائية)
- مبني على قواعد خارجية تحدد نوعية، ووقت الطعام الذي تتناوله.
- يهدف إلى خسارة الوزن، أو الوصول إلى شكل جسدي معين، وغالبًا ما يكون ذلك لفترة قصيرة.
- يفترض قيودًا صارمة على أنواع الطعام وكمياته، مثل حساب السعرات الحرارية.
- يُقسم الطعان إلى فئات “مسموح” و”ممنوع”، مما يسبب شعورًا بالذنب أو الحرمان.
- يكون تناول الطعام بناءً على الالتزام بهذه القواعد، حتى في حال عدم الشعور بالجوع.
- قد يؤدي هذا إلى علاقة غير صحية مع الطعام، وإحساس بالحرمان، وزيادة احتمالية الإفراط في تناول الطعام.
باختصار، الأكل البديهي يشجع على الثقة بجسمك، بينما الحميات الغذائية تفرض قواعد خارجية لا تأخذ احتياجاتك الشخصية بعين الاعتبار.
هل التغذية الحدسية تنقص الوزن؟
إن السعي للحفاظ على وزن صحي يُعتبر هدفًا نبيلًا للكثير من الأفراد، ولكن الأبحاث تكشف عن حقيقة مُرَّة؛ إذ يواجه معظمهم صعوبة بالغة في الحفاظ على الوزن الذي فقدوه، حيث يعود العديد منهم إلى جزء كبير من وزنهم السابق.
ومن هنا تظهر أهمية التغذية الحدسية، التي لا تُعتبر مجرد نظام غذائي يهدف إلى إنقاص الوزن، بل هي فلسفة تساعدك على التحرر من دوامة الحميات الفاشلة، وذلك من خلال التركيز على الاستماع إلى إشارات الجوع، والشبع التي يرسلها جسمك، حيث يمكنك تحقيق التحكم في وزنك بشكل طبيعي ومستدام، مما يجعلها خيارًا أكثر حكمة، واستدامة على المدى الطويل.
كيفية تطبيق نظام التغذية الحدسية
يُعتبر الأكل الحدسي نهجًا حياتيًا فريدًا، حيث تختلف التجارب من شخص لآخر، وتطبيق ذلك النظام، يُمكنك اتباع الإرشادات التالية:
- مراقبة عادات التغذية: كن واعيًا لعاداتك الغذائية دون أن تصدر أحكامًا مسبقة.
- التأمل في دوافع تناول الطعام: استحضر التفكير فيما إذا كان الشعور بالجوع الجسدي، أو المشاعر السلبية يقفان وراء قرارك بالاستمتاع بالطعام.
- ممارسة اليقظة الذهنية: قد تسهم تمارين اليقظة الذهنية في إعادة تشكيل العوامل النفسية، التي تقودك نحو تناول الطعام بدافع العاطفة.
- الإنصات لإشارات الجوع: تناول الطعام فقط عندما يشعر جسمك بالحاجة الفعلية لذلك، ولا تقيد نفسك بأي قيود عند تناول الطعام.
- تجنب إعطاء الطعام قيمة أخلاقية: لا تصنف الأطعمة إلى فئات جيدة أو سيئة.
- التخلص من الكتب المتعلقة بالحمية الغذائية والضغوط الخارجية الأخرى: يعتبر الأكل الحدسي تجربة تعلم الثقة بالنفس، لذا يتوجب عليك التخلي عن أي قواعد، أو أنماط غذائية كنت ملتزمًا بها.
- التركيز على جسدك: ابدأ بطرح أسئلة على نفسك مثل: “كيف أشعر؟ هل أشعر بالجوع؟ ماذا يحتاج جسدي الآن؟” واتخذ قراراتك الغذائية بناءً على إجاباتك.
- طلب الدعم: قد يكون من المفيد التحدث مع أخصائي تغذية أو طبيب، أو معالج نفسي للوصول إلى الأكل البديهي، خاصة إذا كنت تعاني من إجهاد مزمن أو قلة نوم، أو مشاعر مثل الوحدة والاكتئاب.
- إدراك أن هذا قرار حاسم: الأكل الحدسي ليس مجرد مرحلة مؤقتة لتحقيق هدف معين، بل هو تحول دائم في كيفية تعاملك مع الطعام.
تجربتي مع التغذية الحدسية
تقول سيدة في منتصف الثلاثينات ” لقد غيرت التغذية الحدسية علاقتي بالطعام تمامًا، بدأت رحلتي عندما كنت أبحث عن بديل للحميات الغذائية التقليدية، التي دائمًا ما كانت تتركني في دائرة من الحرمان والشعور بالذنب.
اكتشفت أن هذه التغذية نهج شامل يركز على الاستماع إلى جسدي، واحترام إشاراته الطبيعية مثل الجوع والشبع، وخلال أسبوعين من التجربة، تعلمت كيف أميز بين الجوع الجسدي والجوع العاطفي، وتحررت من القواعد الصارمة التي كنت أفرضها على نفسي، أصبحت أستمتع بوجباتي المفضلة دون خوف، وأتناولها بوعي كامل.
كانت لحظة فارقة عندما أدركت أنني لست مضطرة لمعاقبة نفسي بعد تناول وجبة “غير صحية”، بل يجب علي أن أثق بجسدي في طلب ما يحتاجه.
هذه التجربة لم تحسن صحتي الجسدية فحسب، بل منحتني شعورًا بالحرية والصحة النفسية، وأعادت لي البهجة في تناول الطعام.