النحافة عند المراهقين: ما هي أسبابها وأعراضها وطرق علاجها؟
تُعد النحافة عند المراهقين من أبرز التحديات الصحية التي يواجهها الكثيرون؛ بالتزامن مع مجموعة التغيرات الفسيولوجية التي تحدث لهم خلال هذه المرحلة؛ وتنقسم طرق التعامل معها إلى قسمين، فالبعض يراها أمرًا طبيعيًا، والآخر يراها مؤشر خطير على الصحة.
ونظرًا لاختلاف الآراء، وأهمية الكشف المُبكر عن أي تغير غير طبيعي يطرأ على الإنسان، حرصت مختبرات دلتا الطبية على أن يكون هذا المقال دليل طبي شامل للتعرف على ماهية النحافة وأسباب حدوثها ودلالة أعراضها، وكيفية تشخيصها، إلى جانب التعرف على أهم الطرق العلاجية التي تتناسب مع هذه الفئة العمرية.
ما هي النحافة عند المراهقين؟
تُعرف النحافة بأنها حالة صحية غير طبيعية، تتسبب في فقدان الوزن الإجباري دون الرغبة في ذلك؛ مما يترتب عليه مجموعة من التغيرات الجسدية، مثل: (اختلاف مظهر الجسم)، إلى جانب تأثيراتها السلبية على الصحة العامة للمراهق.
ويُعد المراهقين أكثر عُرضة للإصابة بالنحافة، نتيجة التغيرات التي يتعرضون لها في هذه المرحلة، من تغيرات في الهرمونات والبنية العضلية، وزيادة النشاط اليومي، وغيرها من تطورات قد تزيد من خطر الإصابة بالنحافة.
هل كل فقدان وزن للمراهق يُشير للنحافة؟
يسود اعتقاد خاطئ بين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، أن كل فقدان وزن يدل على النحافة، ولكن هذا تفسير طبي غير صحيح، حيث يعتمد تشخيص المراهق على أنه مُصاب بالنحافة، من خلال مؤشر كتلة الجسم BMI، الذي يوضح معدل الوزن الطبيعي بالنسبة للطول والوزن.
فإذا كان مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5، ويلاحظ أن فقدان وزن مستمر، ويتجاوز 5% من إجمالي الوزن خلال 6-12 شهرًا، فعندها يتم تصنيف المراهق كنحيف، ويحتاج إلى تقييم طبي وغذائي دقيق.
هذا التصنيف يجعلنا من الضروري أن نوضح أمرًا هامًا، وهو أن النحافة تنقسم إلى 3 مستويات، ومن ثم يتم تحديد مستوى النحافة عند المراهق، وتتمثل هذه المستويات في الآتي:
- نحافة خفيفة (BMI بين 17.0 و18.4): تعكس انخفاضًا طفيفًا في الوزن مُقارنة بالمعدل الطبيعي، وعادةً لا تسبب مشاكل صحية كبيرة، لكنها تحتاج متابعة وتحسين النظام الغذائي.
- نحافة معتدلة (BMI بين 16.0 و16.9): تشير إلى نقص وزن واضح، وقد تؤثر على نمو المراهق وصحته العامة، وتستلزم تدخلًا غذائيًا وطبيًا لتصحيح الوزن.
- نحافة شديدة (BMI أقل من 16.0): تُعد حالة خطيرة تستدعي متابعة طبية دقيقة، فقد تؤدي إلى مشاكل صحية متعددة.
ما هي أسباب النحافة عند المراهقين؟
تُمثل مرحلة المراهقة أهمية كبيرة، فهي مرحلة انتقالية من الطفولة إلى مرحلة النضج والشباب، مما يتطلب الوعي الصحي الفائق، لحماية المراهق من المشكلات الصحية التي قد يتعرض لها خلال هذه المرحلة، مثل: (النحافة).
وتلعب عدة أسباب دورًا في ظهور النحافة عند المراهقين، تنقسم إلى عوامل بسيطة وشديدة، وسوف نتعرف عليها فيما يلي:
أسباب النحافة البسيطة عند المراهقين
في كثير من الأحيان، ترجع النحافة عند المراهقين لأسباب بسيطة مثل:
-
سوء التغذية
خلال مرحلة المراهقة يكون المُراهقون أكثر إقبالاً على تناول الأطعمة السريعة والغنية بالدهون، إلى جانب حرصهم على تناول المشروبات التي تحتوى على نسبة كبيرة من السكريات، مثل: (المشروبات الغازية، وغيرها).
وجميع ما سبق يُعد من العادات الغذائية الخاطئة، والتي تزيد من خطر الإصابة بالنحافة عند المراهقين، نتيجة عدم حصول الجسم على العناصر الغذائية التي يحتاجها خلال هذه المرحلة.
-
العوامل النفسية والسلوكية
هي مجموعة من العوامل التي قد تكون يومية أو تتعلق بالحفاظ على وزن، وتُساهم في زيادة إحتمالية الإصابة بالنحافة، وتتمثل في الآتي:
-
- الضغط الدراسي أو الاجتماعي الذي يؤثر على الشهية: خاصة في سنوات الدراسة التي تسبق الانتقال لمرحلة دراسية اخرى.
- اضطرابات الأكل كما في فقدان الشهية العصبي أو النهام العصابي.
- تغيرات الحالة المزاجية نتيجة اضطراب مستويات الهرمونات في الجسم.
-
زيادة النشاط البدني
تتسم هذه المرحلة بزيادة النشاط البدني، سواء عن طريق ممارسة الرياضة، أو من خلال الحركة المستمرة والأنشطة اليومية؛ مما يؤدي إلى حرق سعرات حرارية أكثر من المُستهلكة، وبالتالي فقدان الوزن بشكل ملحوظ.
أسباب النحافة الشديدة
تعتمد النحافة الشديدة عند المراهقين على مجموعة من الأسباب التي تتطلب التدخل الطبي، لتشخيصها ووضع خطة علاجية مُناسبة لها، وتتمثل الأسباب في الآتي:
-
العوامل الوراثية
من المعروف أن الجينات الوراثية تؤثر على الأبناء بالإيجاب أو السلب، وفي حالة النحافة عند المراهقين تلعب الوراثة دورًا موثرًا على الصحة، حيث أن امتلاك جينات تحمل معدل أيض سريع أو طبيعة جسم نحيفة، يجعل المُراهق أكثر عُرضة لفقدان الوزن، وصعوبة اكتسابه حتى مع تناول كميات مناسبة من الطعام.
-
الأمراض
يُمكن تزيد مجموعة من الأمراض المزمنة، من خطر الإصابة بالنحافة عند المراهقين، نتيجة مُساعدهم على فقدان الوزن الغير مرغوب، مثل:
-
- داء السكري: يؤدي اضطراب مستويات السكر والأنسولين في الدم، إلى خلل في استخدام الطاقة بالجسم؛ مما يزيد من استهلاك السعرات الحرارية، ويسبب فقدان الوزن السريع.
- فرط نشاط الغدة الدرقية: الإفراط في إفراز هرمونات الغدة يسرع من عملية الأيض، والذي ينتج عنه حرق زائد للسعرات وفقدان ملحوظ في الوزن.
- السرطان: لا يقتصر تأثيره على فقدان الشهية فقط، بل أن العلاجات مثل: (العلاج الكيماوي) قد تُفاقم المشكلة وتؤدي إلى تراجع الوزن بشكل كبير.
- اضطرابات الجهاز الهضمي: مثل: (الداء البطني)، يتسبب في خلل في هضم وامتصاص الطعام بشكل طبيعي؛ مما يزيد من خطورة الإصابة بالنحافة.
أعراض النحافة عند المراهقين
تختلف حدة أعراض النحافة عند المراهقين من شخص إلى آخر، وذلك بحسب مستوى النحافة الذي يُعاني منه، والأسباب التي تؤثر عليه، ويُعد من الضروري التعرف على هذه العلامات، حتى تتمكن من التعامل معها وعلاجها مُبكرًا، ومنع تفاقمها:
الأعراض الجسدية
- نقص ملحوظ في الوزن: يظهر حتى مع تناول كميات تبدو كافية من الطعام.
- إرهاق وضعف عام: يجد المراهق صعوبة في ممارسة أنشطته اليومية نتيجة قلة الطاقة.
- الدوخة والصداع المتكرر: غالبًا ما يرتبطان بانخفاض سكر الدم، أو نقص بعض العناصر الغذائية.
- ضمور الكتلة العضلية: يتجلى في ضعف القوة البدنية وصعوبة بذل المجهود.
- ضعف المناعة: ما يزيد من احتمالية الإصابة بالعدوى بشكل متكرر.
الأعراض النفسية والهرمونية
- اختلال الهرمونات عند الفتيات: أبرزها: (عدم انتظام الدورة الشهرية أو توقفها) في حالات النحافة الشديدة.
- اضطراب الشهية: فقدان الرغبة في تناول الطعام أو الاكتفاء بكميات قليلة جدًا.
- تأثيرات نفسية: كالقلق أو الاكتئاب، مما يزيد من سوء الحالة.
الأعراض المتعلقة بالعظام والدم
- هشاشة العظام وآلام المفاصل: تنتج عن نقص (الكالسيوم أو فيتامين D)، وغالبًا بسبب ضعف الامتصاص.
- الأنيميا (فقر الدم): تظهر نتيجة نقص الحديد والفيتامينات، وتسبب شحوب الوجه، ضيق التنفس، وتسارع ضربات القلب.
الأعراض الجمالية
- بشرة باهتة وجافة: تفقد النضارة وتبدو مرهقة.
- تساقط الشعر وضعفه: بسبب نقص البروتين، والعناصر الأساسية.
- مشكلات الأسنان واللثة: مثل: (ضعف المينا، النزيف، وزيادة خطر التسوس).
التحاليل اللازمة لتشخيص النحافة عند المراهقين
لا يتم تحديد التحاليل الطبية بشكل عشوائي، بل يعتمد الطبيب على الأعراض الظاهرة لدى المراهق، وذلك لاختيار الفحوصات الأكثر دقة في تفسير سبب فقدان الوزن، ومن أبرز التحاليل التي يعتمد عليها الأطباء:
-
- تحليل صورة الدم الكاملة (CBC): يُعطي هذا الفحص نظرة شاملة عن مكونات الدم من كريات حمراء وبيضاء وصفائح دموية؛ مما يُساعد في اكتشاف العدوى أو حالات الأنيميا التي قد تكون أحد أسباب النحافة.
- اختبارات الغدة الدرقية: تساعد في قياس مستويات هرمونات الغدة، حيث يؤدي فرط نشاطها إلى رفع معدل الأيض بشكل غير طبيعي، وبالتالي خسارة الوزن بسرعة.
- تحليل مستوى سكر الدم: يُستخدم للكشف عن مرض السكري أو بداياته، إذ قد يكون انخفاض الوزن غير المبرر نتيجة اضطراب مستويات الجلوكوز.
- فحوصات إضافية: قد يُوصي الطبيب بإجراء المزيد من الفحوصات،مثل: (اختبار الفيتامينات والمعادن، أو قياس بعض الهرمونات، فحوصات الكبد والكلى) وذلك للوصول إلى تشخيص أكثر دقة، ووضع خطة علاجية مناسبة لحالة المريض.
ما هو علاج النحافة عند المراهقين؟
يُعد هذا السؤال من الأسئلة المهمة التي تتصدر محركات البحث، إلى جانب سؤال: “كيف أزيد وزن أبني المراهق؟”، لذا حرصت مختبرات دلتا الطبية على توضيح أفضل طرق لعلاج النحافة، فيما يلي:
-
أفضل أطعمة لعلاج النحافة
تلعب التغذية السليمة دورًا اساسيًا في التعامل مع النحافة، خاصة في الحالات البسيطة والمتوسطة، إذ تمنح الجسم ما يحتاجه من عناصر ضرورية تساعده على استعادة الوزن تدريجيًا، ولتحقيق نتائج واضحة، يُنصح بالتركيز على:
-
- الكربوهيدرات المعقدة: مثل: (الحبوب الكاملة والخضروات)، التي توفر طاقة مستمرة، وتحافظ على استقرار مستوى السكر في الدم.
- مصادر البروتين: مثل: (اللحوم، الأسماك، البيض، أو البقوليات)، لدعم نمو العضلات والحفاظ على الكتلة العضلية.
- الدهون الصحية: كالأفوكادو، زيت الزيتون، والمكسرات، حيث تساهم في زيادة الوزن بطرق آمنة، إلى جانب دورها في دعم القلب والدماغ.
- زيادة السعرات الحرارية: عبر أطعمة عالية الطاقة مثل: (المكسرات والزيوت الصحية)؛ مما يُساعد على رفع الوزن بشكل تدريجي وصحي.
-
أفضل مشروبات لزيادة الوزن
تُعتبر المشروبات المغذية وسيلة سهلة وفعالة لزيادة الوزن، خاصةً عند المراهقين أو الأشخاص الذين يجدون صعوبة في تناول كميات كبيرة من الطعام، ومن أبرزها:
- العصائر الطبيعية: مثل: (البرتقال، الجزر، والتفاح)، التي تمد الجسم بالسوائل والعناصر الغذائية المهمة.
- سموذي الفواكه بالحليب: كالموز مع الحليب أو المانجو مع الزبادي، والتي تمنح الجسم سعرات عالية وفيتامينات أساسية.
- المشروبات الساخنة المغذية: مثل: (الكاكاو بالحليب كامل الدسم)، التي تساعد على فتح الشهية وتحفيز الهضم.
الجدير بالذكر؛ عادةً ما يوصى الطبيب بالالتزام بنظام غذائي مُتكامل، في حالة النحافة البسيطة والمعتدلة عند المراهقين، حيث يُمكن اكتساب الوزن بطريقة طبيعية من خلال الأطعمة والمشروبات المفيدة، التي تمد الجسم بالعناصر الغذائية التي يحتاجها.
أفضل أدوية لعلاج النحافة الشديدة عند المراهقين
عندما تصل النحافة لمستوى مقلق، قد يتطلب الأمر تدخل طبي متكامل يجمع بين العلاج الغذائي والدوائي، والذي يتمثل في الآتي:
- علاج الأسباب المرضية: مثل: (اضطرابات الغدة الدرقية أو مشاكل الجهاز الهضمي)، إذ يُعد علاج السبب الجذري خطوة أساسية.
- المكملات الغذائية: مثل: (الحديد، الزنك، وفيتامين B12) لتعويض النقص الغذائي.
- أدوية فتح الشهية: لتحفيز تناول كميات أكبر من الطعام، واستعادة الوزن بطريقة صحية.
في النهاية، تُعد النحافة عند المراهقين من المشاكل الصحية التي تستحق اهتمامًا خاصًا، فهي ليست مجرد فقدان وزن عابر، بل قد تكون مؤشرًا على نقص غذائي أو مشكلة صحية تحتاج إلى مُتابعة دقيقة؛ لذا، فيجب استشارة الطبيب عند ملاحظة أي تغيرات غير طبيعية.