كل ما تحتاج أن تعرفه عن الدم في البول
هل لاحظت تحول لون البول إلى درجات من الوردي أو الأحمر؟ لا تأخذ الأمر باستخفاف! فقد يكون هذا الظهور للدم في البول، الذي يُعرف طبيًا بالبيلة الدموية (Hematuria)، بمثابة جرس إنذار يدل على وجود مشكلة صحية تتطلب اهتمامًا عاجلًا.
وعلى الرغم من أن السبب قد يكون بسيطًا، ويمكن علاجه بسهولة كالتهاب المسالك البولية، إلا أن الأمر في حالات أخرى قد يكون أكثر تعقيدًا، مما يشير إلى مشكلات صحية خطيرة تحتاج إلى تدخل طبي سريع، مثل الأورام في الجهاز البولي. تابع معنا لتعرف أكثر عن أسباب الدم في البول، وطرق الوقاية من حدوث ذلك.
خروج دم مع البول
من الطبيعي؛ أن يكون لون البول أصفر شفاف، غير مُعكر أو به مواد عالقة مثل: الدم أو الأملاح. ولكن إذا كان غير ذلك، فإنه يدل على وجود مشكلة ما. هناك نوعان من دم في البول أو المعروف باسم البيلة الدموية، وهما:
-
البيلة الدموية العينية Gross Hematuria
تُعتبر هذه الحالة حين يظهر الدم بوضوح في البول، حيث قد يتراوح لون البول بين الوردي الفاتح والأحمر الداكن، بل وقد يصل إلى البني المائل للصدأ، وذلك بحسب كمية الدم الموجودة. من الجدير بالذكر أن ظهور الدم بشكل متقطع لا يعني أن المشكلة قد انتهت، بل يتطلب الأمر استشارة طبيب مختص لتحديد السبب الجذري لهذه الظاهرة.
-
وجود دم في البول تحت المجهر Microscopic Hematuria
في هذه الحالة، يظهر البول بوضوح كأنه طبيعي تمامًا للعين غير المدربة، إلا أن الفحص المخبري لعينة البول يكشف عن وجود عدد غير عادي من خلايا الدم الحمراء. يُكتشف هذا الأمر في الغالب خلال الفحص الدوري، أو عند إجراء تحاليل البول لأسباب مختلفة.
ويُؤكد الدكتور بيتراك، وهو طبيب إنجليزي، على أنه لا ينبغي تجاهل وجود الدم في البول، سواءً كان دمًا مجهريًا، أو دمًا شديدًا.
ولا تتردد في إبلاغ طبيبك بالحالة تفصيليًا، كي تُساعده على الحصول على التشخيص الدقيق، ومعرفة ما إذا كان ذلك الدم، بسبب الالتهابات، أم شيء آخر.
أهم 9 اسباب نزول الدم مع البول
هناك العديد من المشكلات والأسباب، التي ينتج عنها وجود البول الدموي، مثل:
-
التهابات المسالك البولية
تعتبر التهابات المسالك البولية السبب الأكثر شيوعًا لظهور الدم في البول. كما تحدث هذه الالتهابات عادةً عندما تنتقل البكتيريا الموجودة على جلد العجان (المسافة بين المستقيم والأعضاء التناسلية) عبر مجرى البول إلى المثانة. إذا لم يتم اكتشاف عدوى المثانة أو معالجتها، فقد تمتد العدوى صعودًا عبر الحالبين إلى الكليتين.
نظرًا لأن مجرى البول لدى النساء أقصر بخمس مرات من مجرى البول لدى الرجال، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهابات المسالك البولية. بالإضافة إلى ظهور البول الدموي، تشمل الأعراض الشائعة لالتهابات المسالك البولية الشعور بالحرقة أثناء التبول، وتكرار التبول، والحاجة الملحة للتبول.
-
أورام المسالك البولية
يحتاج أي مريض يُعاني وجود البول الدموي إلى إجراء فحص طبي لتحديد سبب المشكلة، حيث يمكن أن يكون الدم في البول أحيانًا علامة على وجود ورم في المسالك البولية.
يُعتبر سرطان المثانة الأكثر شيوعًا بين أورام المسالك البولية، ويُصيب عادةً البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا، ويظهر بشكل أكبر لدى الرجال مقارنةً بالنساء. يُعتبر تدخين السجائر عامل خطر رئيسي آخر للإصابة بسرطان المثانة، حيث يُسهم في حوالي 60% من الحالات.
-
وجود حصوات الكلى أو المثانة
تعتبر الحصوات والأملاح المتجمعة داخل المثانة أو الكلى سببًا رئيسيًا آخر لظهور البول الدموي، حيث تقوم هذه الحصوات بخدش بطانة هذه الأعضاء، مما يؤدي إلى تدمير الأوعية الدموية، ويترتب على ذلك نزول الدم مع البول.
وعلاوة على ذلك، فإن وجود الدم سواء على المستوى المجهري، أو المرئي يمكن أن يرافقه الألم الشديد، الذي يضرب جانب الجسم، والذي يأتي على شكل موجات مؤلمة تُعرف بالألم المغصي، بالإضافة إلى ما قد يُصاحب ذلك من القيء.
-
التهاب البروستاتا
هو حالة تحدث عندما تصاب غدة البروستاتا، التي تُشبه حجمها حبة الجوز وتقع بين المستقيم والمثانة، بالعدوى أو الالتهاب. تُحيط هذه الغدة بقمة الإحليل، ويمكن أن يؤدي التهابها إلى ظهور دم في البول لدى الرجال.
تتضمن الأعراض الأخرى لالتهاب البروستاتا كثرة التبول، احتباس البول، الحمى، وآلام في الظهر، أسفل البطن، والحوض. عادةً ما يُعالج التهاب البروستاتا باستخدام المضادات الحيوية وأدوية تخفيف الالتهاب.
-
أمراض الكلى (Kidney Diseases)
تُعد من التحديات الصحية التي تستدعي الانتباه، حيث قد تتسبب بعض هذه الأمراض، مثل التهاب كبيبات الكلى (Glomerulonephritis)، في إحداث ضرر بالغ بالأوعية الدموية الدقيقة داخل الكلى، مما يؤدي إلى تسرب الدم إلى البول.
-
الإصابة بالسرطان
يمكن أن يكون وجود البول الدموي هو العلامة الأولى على سرطان المثانة. إذا كان لون البول لديك يميل إلى البرتقالي أو الوردي أو الأحمر الداكن، فمن الأفضل مراجعة الطبيب. ومع ذلك، في بعض الحالات، قد لا يغير السرطان لون البول، وقد يُكْتَشَف وجود الدم خلال الفحص الطبي.
-
الاضطرابات الوراثية
يُمكن لبعض الاضطرابات الوراثية أن تسبب وجود دم غزير (مرئي) ومجهري في البول، أحد هذه الاضطرابات:
- مرض فقر الدم المنجلي، وهو اضطراب وراثي يتسبب في تكوين الجسم لخلايا دم حمراء ذات شكل غير طبيعي.
- متلازمة ألبورت، هي حالة وراثية أخرى يمكن أن تسبب وجود الدم في البول
- الهيموفيليا، هو اضطراب نزيف وراثي يعطل تخثر الدم.
-
أسباب أخرى متنوعة
قد تشمل: تضخم البروستاتا عند الرجال، تناول بعض الأدوية، أو قد يكون بسبب ممارسة التمارين الرياضية الشاقة، أو الإصابة بأمراض المثانة، أو مشكلة في بطانة الرحم عند النساء.
-
أسباب غير ضارة
في بعض الأحيان، قد يتغير لون البول نتيجة للحيض عند النساء، أو بسبب تناول بعض الأطعمة مثل البنجر، مما لا يدل بالضرورة على وجود دم حقيقي.
أعراض خروج دم مع البول مع حرقة
تعتمد أعراض ظهور الدم في البول، على السبب الرئيسي الكامن وراء حدوث ذلك. ولكن إليك؛ الأعراض التي من الممكن أن تكون مصاحبة لنزول البول الدموي:
- الألم أو الانزعاج عند التبول.
- الحاجة إلى التبول أكثر من المعتاد.
- الحاجة إلى التبول بشكل عاجل.
- ألم في البطن أو الظهر.
- انخفاض تدفق البول.
- محاولة التبول.
- الإحساس بامتلاء المثانة، وعدم القدرة على التخلص من ذلك الإحساس المزعج.
عوامل خطر نزول دم مع البول عند النساء
هناك عدة عوامل تزيد معدل نزول الدم في البول مثل:
- الإصابة بعدوى التهابات المسالك البولية المتكررة.
- إذا كنتِ تتناولين: المضادات الحيوية، أو المسكنات أو أدوية السيولة.
- لديكِ تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الكلى.
- إذا كنتِ تمارسين الرياضة العنيفة، مثل: الركض أو الماراثون، أو الرياضات التي تتطلب احتكاكًا جسديًا.
- العمر: للأسف من الممكن أن يُصاب الأطفال والمراهقون بوجود البول الدموي، ولكن خطر إصابة الرجال في منتصف العمر أعلى من غيرهم من الأشخاص.
ويزيد خطر الإصابة عندما يكون الرجال مصابًا بتضخم البروستاتا. ولكن خطر الإصابة بسرطان المسالك البولية عال لدى كل من الذكور والإناث.
طرق تشخيص نزول دم مع البول عند الرجال
يعتمد تشخيص سبب الدم في البول على سلسلة من الفحوصات والإجراءات، مثل:
- الفحص البدني: سيتحدث الطبيب معك حول الأعراض التي تعانيها، كما سيستفسر عن تاريخك الطبي والأدوية التي تتناولها.
- تحليل البول: هو إجراء يهدف إلى فحص عينة من البول لاستكشاف وجود خلايا الدم الحمراء، خلايا الدم البيضاء، البكتيريا، أو أي مواد شاذة أخرى قد تشير إلى حالة صحية غير طبيعية. وفي حالة الشك في وجود التهاب في المسالك البولية، قد يتم اللجوء إلى إجراء مزرعة للبول لتحديد النوع الدقيق للبكتيريا المسؤولة عن الحالة.
- تحليل الدم: قد يُستدعى إجراء اختبارات للدم بهدف تقييم وظائف الكلى، وكشف أي دلائل أخرى قد تشير إلى أسباب ظهور البيلة الدموية.
- الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): تُعد وسيلة فعالة لتصوير الكلى والمثانة والبروستاتا.
- تُعد الأشعة المقطعية (CT Scan) والرنين المغناطيسي (MRI): أدوات تصوير متقدمة تقدم رؤى تفصيلية مذهلة للجهاز البولي، مما يسهم بشكل كبير في الكشف عن الأورام والحصوات بدقة ووضوح.
- تصوير الحويضة والأنابيب الراجعة (Intravenous Pyelogram – IVP): فهو فحص بالأشعة السينية يعتمد على حقن صبغة خاصة تُبرز الكلى والحالبين والمثانة، مما يُظهر تفاصيلها بوضوح.
- تنظير المثانة (Cystoscopy): يُستخدم لإدخال أنبوب رفيع مزود بكاميرا إلى داخل المثانة عبر مجرى البول، مما يتيح فحص الجزء الداخلي للمثانة ومجرى البول بشكل مباشر.
أخيرًا، في بعض الحالات، قد يستدعي الأمر إجراء خزعة (Biopsy) حيث تُؤخذ عينة صغيرة من أنسجة الكلى، أو المثانة لتحليلها تحت المجهر، مما يساعد على الكشف عن أي تغييرات مرضية.
هل وجود دم في البول خطير؟
رغم أن ظهور الدم في البول قد ينجم أحيانًا عن أسباب غير خطيرة، كتناول أنواع معينة من الأطعمة أو بعض الأدوية، إلا أنه من الضروري عدم تجاهل هذه العلامة واستشارة الطبيب لتحديد السبب الدقيق.
حتى الحالات البسيطة، مثل التهابات المسالك البولية، تتطلب العلاج لتفادي المضاعفات المحتملة. على الجانب الآخر، قد يكون وجود الدم مع البول بمثابة الجرس، الذي يُنذر بأمراض خطيرة مثل السرطان، حيث يتطلب الأمر تدخلاً طبيًا عاجلاً لزيادة فرص الشفاء والنجاة من هذا التحدي الصحي.
الوقاية من حدوث دم في البول
يمكن لبعض التغييرات في أسلوب الحياة أن تسهم بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة ببعض الحالات التي قد تؤدي إلى ظهور البول الدموي، ومن أبرز تلك التغييرات:
- شرب كميات وافرة من الماء لتعزيز رطوبة الجسم وتخفيف تركيز البول.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يمد الجسم بالعناصر الضرورية.
- الحفاظ على نظافة شخصية ممتازة للحد من احتمالية التهابات المسالك البولية.
- التبول بانتظام وتجنب حبس البول لفترات طويلة، مما يعزز صحة المثانة.
- الإقلاع عن التدخين لتقليل المخاطر المحتملة للإصابة بسرطان المثانة.
- استشارة الطبيب بشأن بعض الأدوية التي قد تؤدي إلى زيادة خطر البيلة الدموية.
الخلاصة
في بعض الأحيان، قد يتغير لون البول نتيجة للحيض عند النساء، أو بسبب تناول بعض الأطعمة مثل البنجر، مما لا يدل بالضرورة على وجود دم حقيقي في البول. إلا أنه قد يُعد ذلك خطيرًا في حالة: السرطانات، مشكلات الكلى، الاضطرابات الوراثية.
لذلك، يُؤكد الدكتور بيتراك، وهو طبيب إنجليزي، على أنه لا ينبغي تجاهل وجود الدم مع البول، سواءً كان دمًا مجهريًا، أو دمًا شديدًا.
ولا تتردد في إبلاغ طبيبك بالحالة تفصيليًا، كي تُساعده على الحصول على التشخيص الدقيق، ومعرفة ما إذا كان ذلك الدم، بسبب الالتهابات، أم شيء آخر.