ليس مجرد تعب! كيف يهدد قصور الغدة الدرقية قلبك وخصوبتك؟

هل تُعاني تساقطًا في الشعر؟، هل لاحظت أن جلدك أصبح خشننًا، وجافًا؟، هل لديك صعوبة في التركيز وضعف في الذاكرة؟، أم أنك تُعاني من صعوبة في فقدان الوزن.

لازلت في حيرة من أمرك، لا تتردد وقم بإجراء فحص الغدة الدرقية ربما تكون هي السبب في حدوث كل تلك الاضطرابات، تابع معنا هذا المقال الشامل، وتعرف على كل ما تحتاج إلى معرفته عن قصور الغدة الدرقية.

ما هو قصور الغدة الدرقية؟

قصور الغدة الدرقية، أو ما يُعرف أيضًا بخمول الغدة الدرقية أو الغدة الكسلانة، هو حالة يعجز فيها هذا العضو الحيوي، الذي يتخذ شكل الفراشة ويقع في مقدمة العنق، عن إنتاج وإفراز الكمية الكافية من هرمون الغدة الدرقية (الثيروكسين) إلى مجرى الدم. إن تأثيرات هذا القصور تمتد لتشمل تقريبًا جميع أجهزة الجسم التي تتفاعل مع هرمون الغدة الدرقية، ومن عواقب هذا القصور ما يؤثر على وظائف القلب والأوعية الدموية، والجهاز العصبي، والجهاز الهضمي، وكذلك على عملية الأيض، غالبًا ما ينجم هذا القصور عن أمراض المناعة الذاتية، أو جراحة استئصال الغدة الدرقية، أو التعرض للعلاج الإشعاعي.

درجات خمول الغدة الدرقية

يصنف الأطباء قصور الغدة الدرقية إلى درجتين رئيسيتين بناءً على مستويات الهرمونات في الدم:

 

  • قصور الغدة الصريح (Overt Hypothyroidism)

تُعتبر هذه الحالة الأكثر وضوحاً، حيث يرتفع مستوى الهرمون المحفز للغدة الدرقية (TSH) بشكل ملحوظ مع انخفاض مستوى هرمون الثيروكسين (T4) الحر  في هذه الحالة، تكون الأعراض الكلاسيكية للمرض واضحة، مثل التعب الشديد وزيادة الوزن.

  • قصور الغدة تحت السريري (Subclinical Hypothyroidism)

تُعتبر هذه الدرجة أقل وضوحاً، حيث يكون مستوى TSH مرتفعاً، لكن يبقى مستوى هرمون T4 الحر ضمن المعدلات الطبيعية، قد لا يشعر المريض بأي أعراض، أو قد تكون الأعراض خفيفة وغير محددة، تتطلب هذه الحالة متابعة دورية، وقد تحتاج إلى علاج لتفادي تفاقمها.

أسباب خمول الغدة الدرقية عند النساء والرجال

تتنوع أسباب كسل الغدة الدرقية، ولا تقتصر فقط على المشاكل المرتبطة بالغدة الدرقية نفسها، بل تشمل أيضًا اضطرابات في الغدد التي تنظم عملها.

أسباب كسل الغدة الأولية

تحدث عندما تفشل الغدة نفسها في إنتاج الهرمونات الكافية، وهي الأكثر شيوعًا، ومن أبرز تلك الأسباب:

  • أمراض المناعة الذاتية: التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو
  • العلاج الإشعاعي: يتضمن العلاج باليود 131، الاستئصال الجراحي للغدة الدرقية، والإشعاع الخارجي للرقبة لمعالجة سرطان الغدد الليمفاوية أو السرطان.
  • الأدوية: تشمل زيادة اليود، الليثيوم، والأدوية المضادة للغدة الدرقية.
  • قصور الغدة الدرقية الخلقي: يمكن أن يكون ناتجًا عن غياب الغدة الدرقية، أو وجودها خارج الرحم، بالإضافة إلى اضطرابات في تكوين الهرمونات (مثل العيوب الوراثية في عمليات تخليق وإفراز هرمون الغدة الدرقية)، وطفرة في TSH-R، ونقص اليود.
  • الاضطرابات التسللية: تشمل داء النشواني، داء الساركويد، داء ترسب الأصبغة الدموية، تصلب الجلد، داء السيستين، والتهاب الغدة الدرقية ريدل.

قصور الغدة الدرقية الثانوي

يحدث كسل الغدة الثانوي نتيجة لتلف في الغدة النخامية، أو منطقة تحت المهاد (الوطاء)، مما يؤدي إلى نقص إنتاج هرمون TSH (الهرمون المحفز للغدة الدرقية)، الذي يلعب دورًا في تحفيز الغدة الدرقية. 

  • الأسباب المرتبطة بالغدة النخامية: تشمل الأورام، والجراحة أو الإشعاع، والصدمات، ومتلازمة شيهان. وفي حالات نادرة، يمكن أن يكون السبب هو نقص هرمون TSH المعزول، أو عجز الغدة النخامية عن إنتاج هرمونات معينة، كما يمكن أن يحدث هذا كأثر جانبي لبعض الأدوية، مثل علاج بيكساروتين، الذي يرتبط بانخفاض ملحوظ في مستويات TSH. 
  • الأسباب المرتبطة بالوطاء: تشمل الأورام، والصدمات، والاضطرابات التسللية، وأمراض غير معروفة السبب، مما يؤثر على نشاط الغدة النخامية، وبالتالي على إفراز TSH.

الأسباب المؤقتة لقصور الغدة الدرقية

هناك عدة أسباب تؤدي إلى خمول الغدة الدرقية بشكل مؤقت، وتتطلب المراقبة المستمرة:

  • التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة: هذه الحالة تؤثر على بعض النساء أثناء الحمل أو بعد الولادة نتيجة لإنتاج الجسم أجسامًا مضادة، وقد يؤدي عدم علاجها إلى زيادة مخاطر الإجهاض أو تسمم الحمل.
  • التهاب الغدة الدرقية شبه الحاد: هو رد فعل مناعي مؤلم يصيب الغدة الدرقية، وغالبًا ما يحدث بعد الإصابة بعدوى فيروسية في الجهاز التنفسي، مما يؤدي إلى انخفاض مؤقت في إفراز الهرمونات أثناء فترة التعافي.
  • استئصال الغدة الدرقية: يتمثل في إزالة كاملة أو جزئية للغدة لعلاج حالات، مثل العُقيدات السرطانية أو مرض جريفز، مما يعد سببًا مباشرًا لانخفاض، أو توقف إنتاج هرمونات الغدة الدرقية.

أعراض قصور الغدة الدرقية عند النساء والرجال

تختلف علامات وأعراض قصور الغدة الدرقية حسب مدى نقص الهرمون لدى الشخص، إذ يتطور هذا المرض ببطء وقد يستغرق سنوات، في البداية، قد يشعر الشخص بزيادة الوزن أو التعب، وهذه الأعراض قد تكون بسبب أسباب أخرى أيضًا، مع الوقت، ستزداد المشاكل، لذلك، من المهم الانتباه إلى العلامات والأعراض التالية لقصور الغدة الدرقية:

  • التعب: هل تجد نفسك تشعر بالإرهاق الدائم حتى بعد ليلة نوم هانئة؟ هذه ظاهرة شائعة قد تشير إلى مشكلة.
  • اكتساب الوزن: إذا لاحظت زيادة في وزن جسمك دون أن تكون قد أسرفت في تناول الطعام، فقد يكون هذا بمثابة إنذار لك.
  • الحساسية من البرد: هل تشعر بالبرودة المستمرة حتى في الظروف التي يبدو فيها الآخرون في راحة؟ قد يدل ذلك على وجود خلل في معدل الأيض لديك.
  • جفاف البشرة والشعر: يصبح شعرك ضعيفًا وجافًا، وقد تشعر أن بشرتك تعاني من الخشونة والتقشر.
  • ضباب الدماغ: إذا كنت تواجه صعوبة في تذكر الأمور أو التركيز، فقد يكون ذلك علامة على قصور في نشاط الغدة الدرقية.
  • تقلبات المزاج: تكمن العلاقة بين خمول الغدة الدرقية والزعل في؛ ارتباط الاضطراب في توازن هرمونات الغدة الدرقية بمشاعر القلق والغضب والاكتئاب.
  • أعراض أخرى: يمكن أن تلاحظ الإمساك، عدم انتظام الدورة الشهرية، شعور بعدم الراحة في المفاصل، آلام في العضلات، وبحة في الصوت.

أعراض قصور الغدة الدرقية عند الأطفال

يُؤثر قصور الغدة الدرقية على جميع الفئات العمرية، بما في ذلك حديثي الولادة، ويكون تأثيره أكثر شدة لدى الأطفال الخدج مقارنة بالرضع الذين وُلِدوا في المواعيد الطبيعية، يُعتبر هرمون الغدة الدرقية ضروريًا لنمو الأطفال وتطورهم بشكل صحي، حيث يؤدي نقصه إلى تأخيرات خطيرة في هذه العمليات، من أبرز أعراض قصور الغدة الدرقية لدى الأطفال:

  • اصفرار الجلد والعينين (اليرقان).
  • لسان كبير بارز.
  • صعوبة في التنفس.
  • بكاء أجش.
  • فتق السرة.

هل خمول الغدة الدرقية مرض خطير؟ أبرز 7 مضاعفات لكسل الغدة

في الحقيقة؛ يُمكن العيش والتعامل بنجاح مع خمول الغدة الدرقية عبر العلاج، لكن في حالة إهمال العلاج، قد يؤدي ذلك إلى عدة مضاعفات خطيرة على المدى الطويل:

  1. مشاكل القلب: الأشخاص الذين يعانون من كسل الغدة الدرقية قد يواجهون ارتفاعًا في مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) المعروف بالكوليسترول السيئ، هذا الأمر يؤدي لتراكم الدهون في الشرايين، مما يعيق تدفق الدم، ويسبب اضطرابات قلبية خطيرة.
  2. مشاكل الصحة النفسية: يمكن أن تظهر علامات الاكتئاب مبكرًا في حالات كسل الغدة الدرقية، وتزداد سوءًا مع مرور الوقت، كما يُعتبر التراجع العقلي من الأعراض الشائعة لهذا المرض.
  3. الاعتلال العصبي المحيطي: إذا ترك خمول الغدة الدرقية غير مُعالج لفترة طويلة، فإنه قد يسبب أضرارًا للأعصاب المحيطية المسؤولة عن نقل الإشارات بين الدماغ والحبل الشوكي وبقية الجسم، مما يتسبب في الشعور بالألم والتنميل والوخز كآثار جانبية.
  4. الوذمة المخاطية: في حالات نادرة جدًا، يمكن أن يؤدي قصور الغدة الدرقية الشديد إلى حدوث الوذمة المخاطية، وهي حالة قد تسبب الوفاة، في هذه المرحلة، تنخفض مستويات هرمون الغدة الدرقية بشكل كبير، مما يؤدي إلى ظهور أعراض، مثل الارتباك، انخفاض حرارة الجسم، والنعاس. 
  5. العقم: دورات عدم التبويض، عيوب في المرحلة الأصفرية، ارتفاع مستويات هرمون البرولاكتين، واختلال التوازن في الهرمونات الجنسية تعد من الأسباب التي تؤثر سلبًا على الخصوبة نتيجة تأثير الغدة الدرقية.
  6. تضخم الغدة الدرقية: يشير إلى وجود كتلة في الحلق أو تضخم غير طبيعي في الغدة الدرقية، إن الأشخاص الذين يعانون من خمول الغدة الدرقية قد يتعرضون لتضخم الغدة نتيجة محاولات الجسم لتحفيز إنتاج هرمون الغدة الدرقية.
  7. مشكلات في الحمل والنمو الجنيني.

متى اعمل تحليل الغدة الدرقية؟

يُنصح بإجراء تحليل للغدة الدرقية في عدة حالات لتشخيص قصور الغدة الدرقية في مراحله المبكرة، أو لمتابعة حالة المريض، بشكل عام، ينبغي التفكير في إجراء الفحص في حالة:

  • ظهور أعراض شائعة: مثل التعب المستمر، زيادة الوزن غير المبررة، الحساسية المفرطة للبرد، أو تقلبات المزاج.
  • التاريخ العائلي: إذا كان لديك تاريخ عائلي مرتبط بأمراض الغدة الدرقية، خصوصًا الأمراض المناعية الذاتية، مثل التهاب الغدة الدرقية لهاشيموتو. 
  • الفحص الروتيني للمواليد: يتم فحص معظم المواليد بعد ولادتهم بفترة قصيرة (عادةً خلال الأيام الأولى) للكشف عن قصور الغدة الدرقية الخلقي، وهو أمر ضروري للنمو العصبي السليم. 
  • خلال الحمل وبعده: يُنصح بفحص النساء الحوامل المعرضات للخطر أو اللواتي يظهرن أعراضًا، بالإضافة إلى الفحص بعد الولادة للكشف عن التهاب الغدة الدرقية الذي يحدث بعد الولادة. 
  • الأمراض المناعية الأخرى: إذا كنت تعاني من أمراض مناعية أخرى، مثل داء السكري من النوع الأول. 
  • تغييرات في خطة العلاج: بالنسبة للمرضى الذين يتلقون علاجًا حاليًا، يتم إجراء التحليل بشكل دوري لتعديل الجرعة.

ومن الجدير بالذكر؛ أن جميع الفحوصات المطلوبة لتشخيص قصور الغدة الدرقية متاحة في مختبرات دلتا الطبية، بما في ذلك هرمون تحفيز الغدة الدرقية (TSH)، والثيروكسين الحر (T4)، واختبار الأجسام المضادة للغدة الدرقية.

كما تُقدم دلتا استشارات طبية مجانية لمساعدتك في فهم نتائج التحاليل، وتقديم التوجيه اللازم، وشرح الخيارات العلاجية المتاحة لضمان إدارة فعالة لحالتك الصحية.

علاج قصور الغدة الدرقية والوقاية منه

تُعالج هذه الحالة أساسًا من خلال استخدام هرمون الغدة الدرقية التعويضي، حيث يتطلب العلاج تناول هرمونات اصطناعية لتعويض النقص الذي قد يحدث في إفراز الغدة، ويُعتبر الثيروكسين الاصطناعي النقي (T4) العلاج الأكثر شيوعًا وفعالية، فهو الخيار القياسي الذي يساهم في استعادة مستويات الهرمون إلى طبيعتها، وتحسين الأعراض المصاحبة. 

للحفاظ على صحة الغدة الدرقية والوقاية من قصورها، من الضروري اتباع نظام غذائي متوازن، ونمط حياة صحي، إليك أهم النصائح التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار:

  • الدعم الغذائي: يجب الحرص على تناول غذاء غني بالمعادن الأساسية مثل اليود، السيلينيوم، والزنك، لدعم صحة الغدة.
  • مكافحة التوتر: من المهم السيطرة على التوتر والقلق من خلال ممارسة الرياضة بشكل منتظم، مثل اليوغا وتمارين التنفس، لأن الإجهاد المزمن يؤثر سلبًا على توازن الهرمونات.
  • الإقلاع عن التدخين: يُنصح بالابتعاد عن التدخين بكافة أشكاله نظرًا لتأثيره الضار على وظائف الغدة.
  • تجنب الملوثات: ينبغي تقليل التعرض للإشعاعات البيئية، والمواد الكيميائية التي تعطل عمل الغدد الصماء.
  • تجنب العلاج الذاتي: لا يجب تناول أي مكملات أو أدوية هرمونية دون استشارة طبيب مختص.
  • الحد من الأطعمة الضارة: يجب التقليل من الأطعمة المصنعة، الوجبات السريعة، السكريات، والدهون غير الصحية، مع ضرورة الانتباه لتناول الغلوتين لمن يعاني من حساسية.

كم يستغرق علاج خمول الغدة الدرقية؟

عادةً ما يكون علاج خمول الغدة الدرقية (قصور الغدة الدرقية) مستمرًا مدى الحياة، فبعد تشخيص الحالة، تُعتبر مرضًا مزمنًا، مما يعني أن المريض يحتاج إلى الاستمرار في العلاج مدى حياته.

ومع ذلك، في بعض الحالات الخفيفة وغير المصحوبة بأعراض، قد لا يستلزم الأمر العلاج دائمًا، وقد يحدث تحسن تلقائي في نادر من الأحيان، ولكن من المهم متابعة الحالة بشكل دوري من خلال الزيارات اللازمة، ويجب البدء في العلاج إذا لم تتحسن الحالة تلقائيًا خلال بضعة أشهر.

هل يمكن الشفاء من خمول الغدة الدرقية؟

نعم؛ يمكن إدارة قصور الغدة الدرقية بشكل جيد عند تناول المريض لدواء هرمون الغدة الدرقية وفقًا للتوجيهات، ومن الضروري الالتزام بتناول الدواء بانتظام دون تفويت أي جرعة، وفي حال اضطر المريض لتفويت أي جرعة، ينبغي عليه إبلاغ الطبيب.

الخلاصة

قصور الغدة الدرقية هو حالة شائعة تحدث نتيجة نقص هرمون الغدة الدرقية، يمكن تشخيصها وإدارتها بسهولة، لكنها قد تكون خطيرة وتؤدي إلى الوفاة في حالات نادرة، لذلك من المهم الالتزام بالعلاجات الطبية الموصوفة، وإجراء الفحوصات الدورية.

المصادر

اذهب إلى الأعلى