اضطراب طيف التوحد: اكتشف العلامات المبكرة وطرق التشخيص بدقة
هل سمعت من قبل عن اضطراب طيف التوحد؟ ربما تظن أنه مجرد مشكلة سلوكية عابرة، أو مرض يمكن علاجه بالأدوية، أو ناتج عن الآثار الجانبية لعلاجًا ما.
لكن الحقيقة مُختلفة تمامًا، وهذا ما سوف نتعرف عليه في هذا المقال، الذي سوف تقدمه مختبرات دلتا الطبية ليكون دليلاً شاملاً لكل ما تحتاجون إلى معرفته، بشأن طبيعة هذا الاضطراب وأنواعه، وأعراضه وطرق تشخيصه، وغيرها من معلومات هامة.
ما هو اضطراب طيف التوحد؟
يُثير اضطراب طيف التوحد العديد من التساؤلات والمخاوف مثل: هل طيف التوحد مرض عقلي؟، وفي الحقيقة يتعلق هذا الاضطراب بالنمو العصبي عند الطفل، مما يتسبب في التأثير على آلية عمل الدماغ، ويُمكن ملاحظة هذا التأثير على تواصل وتفاعل الطفل مع غيره من الأطفال أو الاشخاص.
ويظن البعض أن طيف التوحد يُعد من الأمراض العضوية، ولكن في الواقع الأمر ليس كذلك، حيث أنه مشكلة صحية مُزمنة لا تزول من خلال الأدوية العلاجية.
وقد يتساءل البعض أيضًا عن شكل طفل التوحد، إعتقادًا منهم أن مظهره يكون غير طبيعيًا، ولكن يُعد هذا اعتقادًا خاطئًا، حيث أنه لا يوجد أي فروق في المظهر بين الطفل الذي يُعاني من هذا الاضطراب والأطفال الآخرى، فالفرق فقط يكمن في مدى إدراكه واستجابته للمؤثرات.
وينقسم اضطراب طيف التوحد إلى 4 مستويات
- المستوى الأول (التوحد الخفيف): خلال هذا المستوى يكون الطفل قادرًا على الكلام والتعبير، ولكنه قد يجد صعوبة في بدء الحديث أو الاستمرار فيه، كما أنه يواجه صعوبة في فهم لغة الجسد أو نبرة الصوت بسهولة.
- المستوى الثاني (التوحد المتوسط): يتحدث الطفل خلال هذه المرحلة بعبارات قصيرة أو يكرر بعض الكلمات، كما تظهر عليه سلوكيات مُتكررة سوف نتعرف عليها فيما بعد.
- المستوى الثالث (التوحد الشديد): يُعرف بأنه أشد درجات اضطراب طيف التوحد، حيث يُعاني الطفل خلاله من ضعف شديد في التواصل، وقد لا يتمكن من الكلام إطلاقًا، بالإضافة إلى أن استجابته للتفاعل تكون محدودة جدًا.
ما هو الفرق بين طيف التوحد والتوحد؟
قد تواجهون حيرة واضطراب بشأن تشابه المُسميات للتوحد، ولكن في الحقيقة أن طيف التوحد هو نفسه التوحد، وقد تتساءلون كيف ذلك؟ والجواب هو أن كلمة “طيف” تُستخدم هنا كمصطلح طبي شامل يضم جميع أنواع ودرجات اضطراب التوحد، بدءًا من الحالات البسيطة وحتى الشديدة.
فمصطلح اضطراب طيف التوحد (ASD) هو التسمية الطبية الكاملة، ويُشير إلى تنوّع الأعراض والسلوكيات ودرجات الصعوبة التي قد يُظهرها كل طفل مصاب بهذا الاضطراب، مما يجعل كل حالة فريدة في طبيعتها واستجابتها للعلاج والدعم.
الجدير بالذكر؛ نشرت منظمة الصحة العالمية في إحصائيات سابقة لها في عام 2021، أن اضطراب طيف التوحد، يُصيب طفل من كل 127 طفل، ويبقى السؤال الأهم: ما هي أسباب طيف التوحد؟ والجواب سوف نتعرف عليه فيما يلي.
أسباب اضطراب طيف التوحد
لا تزال الابحاث والدراسات قائمة بهدف التعرف على الأسباب الرئيسية للإصابة بـاضطراب طيف التوحد، ولكن يرجع العلماء أن هُناك عدة عوامل قد تزيد من خطر الإصابة وتتمثل في الآتي:
- تجاوز عمر الوالدين 35 عامًا: يُمكن أن يزيد التقدم في عمر كلا الأبوين من احتمالية إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد.
- الجنس: الأطفال الذكور هم أكثر عُرضة للإصابة بطيف التوحد مقارنةً بالإناث.
- التاريخ العائلي: إذا وجدت إصابات سابقة في الأسرة خاصة الأشقاء، فإن هذا يزيد من إحتمالية الإصابة.
- تقارب فترات الحمل: إذا حدث حمل خلالل أقل من 12 شهرًا بعد الولادة السابقة، فذلك قد يُعرض الجنين التالي إلى خطر التوحد.
- الإصابة بسكري الحمل: تُشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة بين سكري الحمل، وزيادة احتمالية إصابة الطفل بالتوحد
- التعرض للنزيف أثناء الحمل: قد يُؤثر النزيف خلال فترة الحمل على نمو الجنين العصبي.
- الإصابة بمتلازمة كروموسوم إكس الهش: تُعد هذه المتلازمة من العوامل الجينية التي قد ترتبط بحدوث التوحد.
- استخدام بعض الأدوية أثناء الحمل: مثل دواء الفالبروات (Valproate)، الذي قد يؤثر على نمو الجهاز العصبي للجنين.
- صغر حجم الجنين عن المعدل الطبيعي.
- نقص الأكسجين أثناء الحمل أو الولادة: قد يؤثر على نمو الدماغ لدى الجنين.
- الولادة المبكرة قبل اكتمال النمو: ترفع احتمالية الإصابة باضطراب طيف التوحد.
ما هي أعراض اضطراب طيف التوحد؟
قبل أن نتعرف على أعراض طيف التوحد، لابد أولاً من أن نُشير إلى أنه غير مقتصرًأ على الأطفال فقط، بل أنه يُمكن أن يُعاني منه الكبار أيضًا، وقد تتساءلون: كيف يحدث ذلك؟
والجواب هو أن الشخص البالغ؛ عادةً ما يكون مُصابًا به في الصغر، ويتم التعامل معه على أنه أمرًا طبيعيًا، وفي هذه الحالة قد يحدث أمران:
- الأمر الأول: تختفي أعراض التوحد من تلقاء نفسها مع التقدم في العمر.
- الأمر الثاني: تظهر أعراض طيف التوحد بشكل ملحوظ.
ويبقى السؤال الذي يراود أذهان الكثيرين: هل هُناك اختلاف بين أعراض التوحد عن الأطفال مقارنةً بأعراض التوحد عند الكبار؟ والجواب هو لا، وفيما يلي نتعرف بشكل تفصيلي عن الأعراض، التي تختلف من حالة إلى حالة حسب مستوى الإصابة:
-
الأعراض الإجتماعية لاضطراب طيف التوحد
تبدأ أعراض اضطراب طيف التوحد في الظهور عادةً من سن 3 أعوام، حيث قد تلاحظ أن طفلك يواجه صعوبة في التواصل والتفاعل مع الآخرين، ومن أبرز العلامات الدالة على ذلك:
-
- ضعف التواصل البصري أو تجنبه تمامًا أثناء التحدث.
- عدم الاستجابة عند مناداة الطفل باسمه، وكأنه لا يسمع من حوله.
- مقاومة الاحتضان أو الحمل.
- تفضيل البقاء بمفرده أغلب الوقت.
- صعوبة التعبير عن المشاعر أو فهم تعبيرات الوجه ولغة الجسد لدى الآخرين.
- تأخر الكلام أو محدودية استخدام المفردات وتكوين الجمل.
- نغمة حديث غير طبيعية، مثل: (التحدث بطريقة رتيبة أو بإيقاع يشبه الصوت الآلي).
- صعوبة بدء المحادثات أو الاستمرار فيها بشكل طبيعي.
- تكرار كلمات أو عبارات معينة بشكل متواصل دون سبب واضح أو خارج السياق.
-
الأعراض السلوكية لاضطراب طيف التوحد
لا تقتصر علامات التوحد على التواصل فقط، بل تظهر أيضًا في سلوكيات الطفل اليومية، وطريقة تفاعله مع البيئة المحيطة، ومن أبرز المظاهر السلوكية التي قد يلاحظها الأهل:
- إيذاء الذات: يقوم الطفل بتصرفات، قد تُسبب له الأذى دون قصد، مثل: (عض اليد أو ضرب رأسه في أي شئ محيط عندما يشعر بالغضب أو الانزعاج).
- الحركات المتكررة: يميل الطفل إلى تكرار حركات معينة باستمرار، مثل: (التأرجح، أو الدوران، أو رفرفة اليدين في أوقات الانفعال أو الحماس).
- رفض التغيير: قد يواجه الطفل صعوبة في تقبل أي تغيير في الروتين اليومي، أو في ترتيب ألعابه وأغراضه، وقد يُبدي انزعاجًا واضحًا عند حدوث ذلك.
- المشي غير المعتاد: يقوم بالمشي على أطراف أصابعه لفترات طويلة.
- التركيز على أمور غير طبيعية: ينشغل الطفل بجزء صغير من الشيء بدلًا من الانتباه إليه ككل.
- الحساسية الزائدة: يتفاعل بشكل مبالغ فيه مع المؤثرات الحسية كالضوء أو الصوت أو اللمس، فينزعج من الأصوات العالية أو الأضواء القوية.
- انتقائية الطعام: يفضل تناول أنواع محددة من الأطعمة، ويرفض غيرها لمجرد اختلاف شكلها أو ملمسها أو رائحتها.
طرق تشخيص اضطراب طيف التوحد
حتى الآن لا توجد وسيلة فحص مُبكرة تُساعد في اكتشاف الإصابة أثناء الحمل، أو بعد الولادة فورًا، حيث أن طفل التوحد لا يختلف مظهره الجسدي عن غيره من الأطفال، مما يصعب التعرف على الإصابة في وقت مُبكر.
ولكن في حالة ظهور بعض الأعراض التي تدل على الإصابة بالتوحد، قد يقوم الطبيب المختص بإجراء الأتي:
- الفحص السريري.
- يوصى الأباء بضرورة متابعة الطفل وسلوكياته.
- إجراء بعض الفحوصات الجينية التي تُساعد في الكشف عن إصابته بإمراض وراثية أم لا.
- اختبارات النظر والسمع لتقييم مستوياتهم.
- استبيان التواصل الإجتماعي والذي يتطلب من الأباء الغجابة على 40 سؤال.
في الختام، يُعد اضطراب طيف التوحد ليس مرضًا عضويًا، بل أنه حالة مزمنة تتطلب تفهم ودعم مبكر أكثر من كونها مرضًا يحتاج للعلاج، فكل طفل مُصاب به يمتلك قدرات يمكن تطويرها بالرعاية المناسبة والتشخيص الدقيق؛ مما يساعده على الاندماج والعيش بشكل طبيعي داخل المجتمع.







