البورفيريا نظرة شاملة على مرض نادر يؤثر على الأعصاب والجلد
البورفيريا هي مجموعة من الأمراض الوراثية النادرة التي تنتج عن خلل في عملية تصنيع الهيم (heme)، وهو مكوّن ضروري لخلايا الدم الحمراء وللعديد من الإنزيمات في الجسم. يعود سبب هذا الخلل إلى نقص في الإنزيمات المسؤولة عن تحويل البورفيرينات إلى الهيم، مما يؤدي إلى تراكم البورفيرينات في الجسم التي يمكن أن تسبب مجموعة متنوعة من الأعراض، تتعلق بالجهاز العصبي والجلد والجهاز الهضمي وتختلف باختلاف نوع المرض.
تعتبر البورفيريا من الحالات المعقدة التي تتطلب تشخيصًا دقيقًا وإدارة متخصصة، خاصةً وأن أعراضها قد تتشابه مع العديد من الأمراض الأخرى. في هذا المقال، سنستعرض أوجه هذا المرض وأسبابه وأعراضه وطرق التعامل معه.
ما هي البورفيريا؟
هي اضطراب في تكوين الهيم الناتج عن طفرات جينية تؤدي إلى نقص الإنزيمات المسؤولة عن هذه العملية. هناك عدة أنواع من المرض مثل البورفيريا الحادة المتقطعة والبورفيريا الجلدية ويختلف كل نوع في الأعراض وآلية التأثير.
ما هو الهيم ؟
الهيم هو جزء من الهيموغلوبين الذي يوجد في خلايا الدم الحمراء، ويساعد في حمل الأكسجين. تؤدي الطفرات إلى تراكم مركبات تسمى البورفيرينات، أو مركبات ذات صلة في الجسم التي قد تكون سامة للأعصاب أو تسبب حساسية الجلد لأشعة الشمس.
ما هي نسبة انتشار البورفيريا في الشرق الأوسط؟
نسبة انتشار هذا المرض في منطقة الشرق الأوسط غير موثقة بشكل دقيق في الأدبيات الطبية مقارنة ًبمناطق أخرى مثل أوروبا وأمريكا الشمالية. ومع ذلك تُعتبر من الأمراض النادرة على مستوى العالم، حيث تقدر نسبة انتشارها بحوالي 1 إلى 100,000 شخص.
تشير بعض الدراسات إلى أن بعض أشكال المرض مثل البورفيريا الجلدية البطيئة (Porphyria Cutanea Tarda)، قد تكون أكثر انتشاراً في بعض المناطق الجغرافية نتيجة لعوامل وراثية والتعرض لمواد بيئية معينة، ومع ذلك لا توجد إحصائيات مفصلة أو موسعة حول انتشارها في الشرق الأوسط بشكل خاص.
يجدر الإشارة هنا إلى أن الأمراض الوراثية بشكل عام قد تكون أكثر شيوعاً في بعض المجتمعات المغلقة، أو التي تتميز بمعدلات زواج الأقارب العالية وهو ما يمكن أن يزيد من فرص انتقال الأمراض الجينية النادرة في بعض المناطق. ونذكر هنا بأهمية إجراء فحوصات ما قبل الزواج للتأكد من عدم وجود طفرات جينية لأي من الأمراض لدى أحد الشريكين.
ما هي أنواع البورفيريا؟
- البورفيريا الحادة:
وتؤثر بشكل رئيسي على الجهاز العصبي، وتسبب أعراضاً حادة مثل آلام البطن وضعف العضلات واضطرابات نفسية، وتشمل:
- البورفيريا الحادة المتقطعة (Acute Intermittent Porphyria – AIP): وهي أكثر أنواع المرض الحاد شيوعاً وهي ناتجة عن نقص إنزيم PBG deaminase.
- بورفيريا داء الملك (Hereditary Coproporphyria – HCP): وهي ناتجة عن نقص إنزيم Coproporphyrinogen oxidase وتسبب أعراضاً عصبية وأحياناً جلدية.
- بورفيريا فاريغاتة (Variegate Porphyria – VP): تتميز بأعراض عصبية وجلدية وتنتج عن نقص إنزيم Protoporphyrinogen oxidase.
- نقص نازعة أمينوليفولينات (ALA Dehydratase Deficiency Porphyria – ADP): نوع نادر جداً ناتج عن نقص إنزيم ALA dehydratase.
- البورفيريا الجلدية:
تؤثر هذه الأنواع بشكل رئيسي على الجلد وتسبب حساسية شديدة للضوء مما يؤدي إلى تقرحات وبثور عند التعرض للشمس، وتشمل:
- البورفيريا الجلدية البطيئة (Porphyria Cutanea Tarda – PCT): وهي أكثر الأنواع الجلدية شيوعاً ناتجة عن نقص إنزيم Uroporphyrinogen decarboxylase، وغالباً ما تكون مرتبطة بالعوامل البيئية مثل الكحول وأمراض الكبد.
- البورفيريا الخلقية الجلدية (Congenital Erythropoietic Porphyria – CEP): نادرة جداً وتسبب حساسية شديدة للضوء وهي ناتجة عن نقص إنزيم Uroporphyrinogen III synthase.
- بورفيريا إريثروبويتك بروتوبورفيريا (Erythropoietic Protoporphyria – EPP): تسبب حساسية ضوئية شديدة منذ الطفولة وتنتج عن نقص إنزيم Ferrochelatase.
- البورفيريا الموروثة المختلطة (Mixed Porphyria): ناتجة عن مزيج من الاضطرابات العصبية والجلدية وتؤثر على العديد من الإنزيمات.
تصنيف إضافي:
- البورفيريا الكبدية (Hepatic Porphyrias): يتم فيها إنتاج البورفيرينات بشكل مفرط في الكبد (مثل AIP وVP وPCT).
- البورفيريا الكريات الحمر (Erythropoietic Porphyrias): يتم فيها إنتاج البورفيرينات في نخاع العظام (مثل CEP وEPP).
ما هي أعراض البورفيريا؟
تختلف أعراض المرض اعتماداً على النوع، ولكن يمكن تقسيمها عموماً إلى أعراض عصبية وأعراض جلدية:
- الأعراض العصبية (تحدث غالباً في النمط الحاد):
- آلام شديدة في البطن.
- اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب.
- ضعف في العضلات.
- اضطرابات في الجهاز العصبي المركزي مثل النوبات والتشنجات.
- ارتفاع في ضغط الدم وعدم انتظام نبضات القلب.
- الأعراض الجلدية:
- حساسية شديدة لأشعة الشمس.
- تقرحات جلدية أو بثور.
- تغير لون الجلد وزيادة سماكته.
- تصبغات داكنة أو ندوب.
ما هو سبب مرض البورفيريا؟
يحدث المرض نتيجة لطفرات جينية تؤدي إلى نقص في أحد الإنزيمات الضرورية لتصنيع الهيم، إذ يمكن أن تكون هذه الطفرات موروثة من أحد الوالدين أو من كلاهما، اعتماداً على نوع المرض. علاوة على ذلك، ثمة عوامل أخرى يمكن أن تساهم في ظهور الأعراض أو تفاقمها مثل:
- بعض الأدوية (مثل الباربيتيورات).
- الكحول.
- التدخين.
- الجوع أو الصيام.
- العدوى أو التوتر.
طرق التشخيص
يعتمد تشخيص البورفيريا على عدة تحاليل دموية وبيوكيميائية للكشف عن المستويات غير الطبيعية من البورفيرينات أو مركبات مرتبطة بها، وتشمل هذه التحاليل:
- تحليل مستويات البورفيرين في البلازما (Plasma Porphyrin Test):
يهدف إلى قياس تراكم البورفيرين في البلازما، ويساعد على تحديد أنواع معينة من المرض مثل البورفيريا الجلدية.
- تحليل نسبة الهيموجلوبين والهيم (Hemoglobin and Heme Tests):
يقيس مستويات الهيم الذي يتكون من البورفيرين والحديد، ويساعد في تشخيص نقص الإنزيمات المسؤولة عن تكوين الهيم.
- تحليل إنزيمات تصنيع الهيم (Enzyme Activity Test):
يُقاس نشاط الإنزيمات المرتبطة بعملية تصنيع الهيم مثل ALA dehydratase وPBG deaminase ، وفي حال نقص نشاط هذه الإنزيمات فهي علامة على وجود نوع محدد من المرض.
- تحليل حمض أمينوليفولينيك (ALA) والبورفوبيلينوجين (PBG) في الدم:
تُحلل مستويات هذه المركبات التي تتراكم في الدم نتيجة لنقص نشاط الإنزيمات في مسار تصنيع الهيم، وارتفاع مستويات ALA وPBG يُعتبر دليلاً قوياً على وجود البورفيريا الحادة.
- تحليل الجينات الوراثية (Genetic Testing):
يمكن إجراء فحص جيني لتحديد الطفرات المرتبطة بالبورفيريا، وهو يُستخدم بشكل خاص لتأكيد التشخيص في الحالات المشتبه فيها. تتكامل هذه التحاليل مع اختبارات أخرى مثل تحليل البول والبراز لتقديم تشخيص دقيق لنوع البورفيريا.
طرق العلاج
يعتمد العلاج على نوع المرض وشدة الأعراض:
يتطلب النمط الحاد العلاج الفوري وقد يشمل:
- إعطاء الهيم الوريدي (هيم-أرجينيت).
- علاج الأعراض باستخدام المسكنات أو مضادات الاختلاج.
- تحسين التغذية وتجنب الصيام الطويل.
يتضمن علاج النمط الجلدي:
- تجنب التعرض لأشعة الشمس.
- الفصد (إزالة الدم) لتقليل مستويات الحديد.
- استخدام أدوية مثل الكلوروكين.
ما هي مضاعفات المرض؟
إذا لم يتم علاج البورفيريا بشكل صحيح فقد تتفاقم الأعراض وتؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل:
- تلف دائم في الأعصاب.
- فشل كلوي أو كبدي.
- مشاكل نفسية طويلة الأمد.
- ندوب وتشوهات جلدية.
هل يمكن الوقاية من الإصابة بها؟
نظراً لأن البورفيريا مرض وراثي لا يمكن الوقاية منه بشكل كامل، ولكن يمكن تقليل فرص ظهور الأعراض أو نوباتها من خلال تجنب المحفزات التي تزيد من خطر النوبات الحادة مثل:
- الامتناع عن تناول الأدوية المحفزة للأعراض.
- تجنب الكحول والتدخين.
- إدارة التوتر بشكل فعال.
- تجنب الصيام الطويل.
ما هي الدراسات الحديثة بشأن هذا الموضوع؟
تشهد الأبحاث الحديثة في مجال البورفيريا تطوراً في مجالات العلاج الجيني وتطوير علاجات جديدة، فعلى سبيل المثال هناك دراسات تجري حالياً حول:
- العلاج الجيني: لاستبدال أو تعديل الجينات المعيبة المسؤولة عن البورفيريا، وهو ما قد يتيح علاجاً دائماً لبعض أنواع البورفيريا.
- الأدوية الجديدة: يجري تطوير علاجات تستهدف الجينات والإنزيمات المسؤولة عن إنتاج الهيم، التي يمكن أن تقلل من تراكم البورفيرينات.
- العلاج المناعي: يتم دراسة إمكانية استخدام العلاجات المناعية لتخفيف الالتهابات الناجمة عن تراكم البورفيرينات.
هل تتوفر تحاليل البروفيريا في مختبرات دلتا الطبية؟
بكل تأكيد. توفر مختبرات دلتا الطبية تحليل البروفيريا إلى جانب الكثير من التحاليل الخاصة بالجينات والأمراض الوراثية المتوفرة على هيئة باقات مثل باقة تحاليل ما قبل الزواج أو تحاليل فردية أخرى.
كما تحرص مختبرات دلتا الطبية في السعودية على توفير أفضل خدمات التحاليل الطبية، فهي حريصة على تقديم أفضل النتائج وأكثرها دقة، وذلك من خلال توفير أحدث الأجهزة وأكفأ الكوادر الطبية، بالإضافة إلى التزامها بالمعايير الدولية لخدمات التحاليل الطبية والفحوصات المخبرية والمتمثلة في جميع فروعها في السعودية، أو من خلال خدمة السحب المنزلي التي توفرها مختبرات دلتا مجاناً.
المراجع
National Organization for Rare Disorders (NORD). “Porphyria”.
American Porphyria Foundation. “Types of Porphyria”.