أنواع تحليل السموم والأدوية
تخيل أن العلم يملك مفتاحًا سريًا يتيح له قراءة ما يختبئ في أعماق أجسادنا… هذا المفتاح هو تحليل السموم والأدوية، إنه ليس مجرد فحص عابر؛ بل هو حوار بين العلم وجسد الإنسان، يكشف عن تأثيرات المواد التي قد تؤثر في صحتنا، أو تعصف بموازين العدالة، أو تهدد نزاهة المنافسات.
هل تتساءل؟ كيف يمكن لتحليل بسيط أن ينقذ حياة في غرفة الطوارئ؟ أو كيف يُسهم في فك لغز جريمة غامضة؟ أو كيف يضمن العدالة في ميادين الرياضة؟ في هذه المقالة سنتعرف على أنواع تحليل السموم والأدوية، وأهمية إجرائه، والخطوات الأساسية للاستعداد له، والأهم من ذلك، كيف نفك شفرات الدلالات العميقة لنتائجها.
ما هو تحليل السموم والأدوية؟
تحليل السموم والأدوية هو مجموعة من الفحوصات المخبرية المتطورة، التي تهدف إلى الكشف النوعي والكمّي عن الأدوية والمواد السامة في عينات بيولوجية متنوعة، مثل البول والدم واللعاب والشعر والأنسجة وسوائل الجسم الأخرى، ويُستخدم هذا التحليل في مجموعة واسعة من الحالات:
- بدءًا من التشخيص السريري لحالات التسمم الحاد، والجرعات الزائدة من الأدوية.
- صولاً إلى الكشف عن تعاطي المخدرات غير المشروعة، ومراقبتها في سياقات قانونية وعلاجية.
- بالإضافة إلى تطبيقات الطب الشرعي والتحاليل الخاصة بالرياضيين للكشف عن المنشطات.
كما تتميز الفحوصات الأولية للسموم (Screening Tests) بسرعة إجرائها وانخفاض تكلفتها، وغالبًا ما تعطي نتائج أولية تشير إلى وجود مجموعة معينة من المواد، وإذا كانت النتائج إيجابية، يتم عادةً إجراء اختبارات تأكيدية أكثر دقة وحساسية، مثل كروماتوغرافيا الغاز – مطياف الكتلة (GC-MS)، وكروماتوغرافيا السائل – مطياف الكتلة (LC-MS)، لتحديد هوية المادة بدقة وقياس تركيزها بشكل دقيق.
ما هي أنواع تحليل السموم والأدوية؟
تصنف تحاليل السموم والأدوية وفقًا للغرض من إجرائها والسياق الذي تستخدم فيه، إلى عدة أنواع رئيسية قد تتداخل فيما بينها. ومن أبرز التصنيفات الأساسية نجد:
-
التحاليل الطبية (Clinical Toxicology Testing)
تُنفذ تلك التحاليل الطبية في المرافق الطبية، بغرض تشخيص وعلاج حالات التسمم الحاد، الناتجة عن تناول جرعات زائدة من الأدوية، أو التعرض لمواد كيميائية سامة، أو التسممات البيئية.
كما يُعد الهدف الجوهري من هذه التحاليل هو التعرف على المادة المسؤولة عن التسمم وتقدير تركيزها في الجسم، مما يسهم في اتخاذ القرارات العلاجية المناسبة بشكل فعّال.
-
تحليل المخدرات (Drug Testing)
هو أداة حيوية تُستخدم لاكتشاف تعاطي المواد المخدرة غير القانونية والأدوية التي تُستغل بشكل خاطئ، كما يُنفذ هذا التحليل في سياقات متعددة، تتراوح بين مجالات التوظيف، والمراقبة القانونية، وصولاً إلى المدارس ومراكز إعادة التأهيل، وأيضًا يهدف هذا الإجراء إلى تحديد ما إذا كان الفرد قد انغمس في تناول تلك المواد المحظورة.
-
تحليل الطب الشرعي (Forensic Toxicology)
يُعد أداة حيوية في عالم التحقيقات الجنائية، حيث يُسهم في كشف الألغاز المحيطة بحالات الوفاة الغامضة، والاعتداءات، والحوادث المأساوية.
كما يُعد هذا التحليل أحد أنواع تحليل السموم والأدوية، والذي يتطلب أخذ عينات دقيقة من مسرح الجريمة وجسد الضحية، ليتمكن المحققون من اكتشاف أي سموم أو مواد مخدرة، ومن خلال ذلك، يمكن تحديد دور هذه المواد في الأحداث المأساوية، مما يساعد على إلقاء الضوء على الحقيقة المظلمة وراء كل واقعة.
-
تحليل الرياضيين (Sports Anti-Doping Analysis)
يسعى إلى تسليط الضوء على ظاهرة استخدام الرياضيين للمواد المحظورة التي تعزز الأداء بطرق غير مشروعة، كما يتم تنفيذ هذا التحليل وفقًا لمعايير الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (WADA)، والهيئات الرياضية الأخرى، بهدف الحفاظ على نزاهة المنافسة وضمان سلامة صحة الرياضيين.
لماذا يتم إجراء تحليل السموم؟
يُعتبر إجراء أنواع تحليل السموم والأدوية أداة حيوية تُستخدم في حالات الطوارئ الطبية، حيث يُمكن من خلاله تقييم مخاطر الجرعة الزائدة أو التسمم سواء كان عرضيًا أو متعمدًا.
كما تُسهم أيضًا أنواع التحاليل في تحديد أسباب تعاطي المخدرات، وكشف وجود مواد معينة في الجسم لأغراض طبية أو قانونية.
كذلك، تتعدد الأسباب التي قد تستدعي إجراء هذا الاختبار، ومنها:
– اضطراب تعاطي الكحول.
– حالة انسحاب الكحول.
– تغيّر الحالة الذهنية.
– اعتلال الكلية بسبب التسمم.
– متلازمة الامتناع عن الكحول المعقدة (الهذيان الارتعاشي).
– الهذيان.
– الخَرَف.
– مراقبة تعاطي المخدرات.
– متلازمة الكحول الجنينية.
– جرعة زائدة متعمدة.
– النوبات.
– السكتة الدماغية الناتجة عن تعاطي الكوكايين.
– الاشتباه في الاعتداء الجنسي.
– فقدان الوعي.
في حالة أن الهدف من الاختبار هو اكتشاف المخدرات، يجب أن يُجرى خلال فترة زمنية محددة بعد تناول المادة، أو طالما لا تزال آثارها قابلة للاكتشاف في الجسم.
كيف يتم إجراء تحليل السموم والأدوية؟
يختلف إجراء تحليل السموم والأدوية تبعًا ل أنواع تحليل السموم والأدوية المطلوبة والمادة المستهدفة، فضلاً عن طبيعة العينة التي سيتم أخذها، وبشكل عام، يمكن تلخيص الإجراءات في النقاط التالية:
1. التحضيرات اللازمة قبل فحص السموم والأدوية
- عادةً ما لا يحتاج تحليل السموم والأدوية إلى تحضيرات خاصة.
- من المهم إبلاغ الطبيب أو الشخص المسؤول عن جمع العينة بكل الأدوية الموصوفة وغير الموصوفة التي يتناولها الفرد، حيث إن بعض هذه الأدوية قد تؤثر في نتائج الاختبار، وتُحدث تداخلات غير مرغوبة.
2. جمع العينات
تختلف طرق جمع العينات بحسب أنواع تحليل السموم والأدوية وكذلك، المادة المستهدفة:
البول
- يُعتبر الأكثر شيوعًا في فحص مجموعة واسعة من الأدوية والمخدرات.
- يُجمع البول في حاوية صغيرة ونظيفة.
- في بعض الحالات، وخصوصًا تلك المتعلقة بالفحوصات القانونية أو الوظيفية، قد تُجمع العينة تحت إشراف دقيق من فاحص، أو موظف قانوني لضمان عدم التلاعب.
الدم
- يُستخدم لفحص الأدوية بدقة عالية وتحديد تركيزاتها.
- تُجمع عينة الدم من خلال سحبها إلى أنبوب واحد، أو أكثر.
- يُعتبر هذا الفحص أكثر دقة من اختبار البول في تحديد تركيز دواء معين.
اللعاب
- يمكن الحصول على عينة من اللعاب من خلال مسحة سهلة من الفم.
- يُعتبر اختبار اللعاب أقل إزعاجًا مقارنةً باختبارات الدم، ويمكن استخدامه لتحديد وجود بعض الأدوية، والمخدرات في فترة زمنية قصيرة.
الشعر
- تُؤخذ عينة صغيرة من الشعر قرب فروة الرأس.
- يمكن تحليل هذه العينات للكشف عن استخدام المخدرات على مدى فترة طويلة تصل إلى عدة أشهر، حيث تُخزن المواد الكيميائية في بصيلات الشعر خلال نموه.
- يُعتبر هذا النوع من الاختبارات مفيدًا لتقييم تاريخ التعاطي المزمن.
محتويات المعدة
- عند الشك في استهلاك مواد عبر الفم، يتخذ الأطباء خطوة فحص محتويات المعدة.
الأنسجة وسوائل الجسم الأخرى
- في ميادين الطب الشرعي، يُمكن استقصاء عينات من الأنسجة الحيوية، مثل الكبد والكلى والدماغ، بالإضافة إلى سوائل الجسم الأخرى كالسائل النخاعي والسائل الزجاجي للعين، وذلك للكشف عن وجود سموم أو أدوية بعد الموت.
بعد جمع العينة الملائمة تبعًا لأنواع تحليل السموم والأدوية، تُرسل إلى المختبر لإخضاعها للتحليل عن طريق التقنيات المتطورة، التي تكشف عن المواد المرغوبة وتحدد كميتها إذا دعت الحاجة.
ما هي أنواع الأدوية التي يكتشفها تحليل السموم؟
يمكن اكتشاف العديد من المواد من خلال إجراء أنواع تحليل السموم والأدوية، وتشمل الفئات الشائعة من الأدوية والمواد التي يمكن اكتشافها بواسطة تحليل السموم ما يلي:
- الكحول بما في ذلك الإيثانول والميثانول.
- الأمفيتامينات .
- الباربيتورات.
- البنزوديازيبينات.
- الميثادون.
- الكوكايين.
- المواد الأفيونية، بما في ذلك الكودايين والأوكسيكودون والهيروين.
- فينسيكليدين (PCP).
- رباعي هيدروكانابينول (THC).
- غاما هيدروكسي بيوتيرات (GHB).
- الفينوثيازينات (أدوية مضادة للذهان أو مهدئة).
- الأدوية الموصوفة طبياً، أي نوع.
اعتمادً على الدواء، قد يظهر في الدم أو البول خلال ساعات أو أسابيع قليلة بعد تناوله، حيث أن بعض المواد يُتخلص منها من الجسم بسرعة كبيرة، مثل الكحول، ومع ذلك يمكن اكتشاف أدوية أخرى لعدة أسابيع بعد استخدامها، مثل رباعي هيدروكانابينول (THC) الموجود في الماريجوانا.
ماذا تعني نتائج تحليل السموم؟
توفر معظم أنواع تحليل السموم والأدوية معلومات محدودة حول مقدار، أو عدد المرات التي تناول فيها شخص ما عقارًا ما، عادةً ما تكون نتائج تحليل السموم إيجابية أو سلبية.
- النتيجة إيجابية: تعني وجود عقار أو عدة أدوية في الجسم، وبمجرد أن يحدد الطبيب وجود الدواء عن طريق الفحص، يجري اختبارات أخرى أكثر تحديدًا يمكنه إظهار كمية الدواء الموجودة بالضبط.
- النتائج السلبيه: تشير النتائج السلبية إلى عدم وجود العقاقير التي تم البحث عنها، حيث كانت تركيزاتها أقل من الحدود القابلة للاكتشاف.
من أجل ضمان صحة الفرد والمجتمع، يجب عدم تناول أي دواء دون وصفة طبية، كما يجب محاربة انتشار المخدرات وتعاطي الكحول بين الأفراد في المجتمع، وتتم متابعة الأفراد بتحليل السموم والأدوية لكشف تناول الجرعات المفرطة والمواد الممنوعة والحد من ذلك.
هل يتوفر تحليل السموم في مختبرات دلتا الطبية؟
بلا شك، يتوفر تحليل أنواع السموم والأدوية في مختبرات دلتا الطبية بأسلوب احترافي ومتميز، كما تقدم مختبرات دلتا باقة واسعة من تحاليل السموم والأدوية، جنبًا إلى جنب مع باقة فحص الرياضيين، فضلاً عن مجموعة متنوعة من التحاليل الطبية، التي يمكن للمرضى الحصول عليها في فروعها المنتشرة في أرجاء المملكة العربية السعودية.
كذلك، يمكن للمريض زيارة أقرب فرع له، أو الاستفادة من خدمة السحب المنزلي المجانية، التي توفرها مختبرات دلتا برحابة صدر.