الاكتئاب ، أحد الأمراض الأكثر انتشارا في العالم

الاكتئاب مرض موجود منذ بدء البشرية ولكن مع تقدم الطب ودراسات علم النفس أصبح تشخيصه أسهل وأوضح وفي أيامنا هذه وبسبب تقدم الحياة وزيادة المسؤوليات والعزلة أصبح الاكتئاب أكثر انتشاراً، إذا لا يكاد يوجد شخص لم يعاني من أعراض هذا المرض ولو لفترة قصيرة في حياته.

ما هو الاكتئاب ؟

هو اضطراب مزاجي يسبب شعوراً مستمراً بالحزن وفقدان الاهتمام بالأشياء والأنشطة التي كان الشخيص يستمتع بها من قبل، كما يمكن أن يسبب صعوبة في التفكير والذاكرة والأكل والنوم.

من الطبيعي أن يشعر الشخص بالحزن بسبب مواقف الحياة الصعبة، مثل فقدان الوظيفة أو الطلاق أو فقدان شخص عزيز، لكن الاكتئاب يختلف من حيث أنه يستمر عملياً كل يوم لمدة أسبوعين على الأقل وينطوي على أعراض أخرى غير الحزن وحده.

هناك عدة أنواع من الاضطرابات الاكتئابية؛ غالباً ما يُطلق على الاكتئاب السريري “اضطراب الاكتئاب الشديد” وهو أشد أنواع المرض.

يمكن أن يتفاقم هذا المرض ويستمر لفترة أطول إذا ترك دون علاج وفي الحالات الشديدة يمكن أن يؤدي إلى إيذاء النفس.

أنواع الإكتئاب

يصنف الدليل الإحصائي التشخيصي للاضطرابات العقلية الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي الاضطرابات الاكتئابية على النحو التالي:

  1. الاكتئاب السريري (اضطراب اكتئابي كبير):

هو الشعور بالحزن أو قلة القيمة أو عدم القيمة في معظم الأيام ولمدة أسبوعين على الأقل، مع المعاناة أيضاً من أعراض أخرى مثل مشاكل النوم أو فقدان الاهتمام بالأنشطة أو حدوث تغير في الشهية، وهذا هو أشد أشكال المرض وأكثرها شيوعاً.

  1. الاضطراب الاكتئابي المستمر (PDD):

هو اكتئاب خفيف أو معتدل يستمر لمدة عامين على الأقل، وتكون الأعراض أقل حدة من اضطراب الاكتئاب الشديد.

  1. اضطراب خلل تنظيم المزاج التخريبي (DMDD):

يسبب DMDD تهيجاً مزمناً وشديداً ونوبات غضب متكررة لدى الأطفال، وتبدأ الأعراض عادةً في سن العاشرة.

  1. اضطراب ما قبل الحيض (PMDD):

وهو المعاناة من أعراض متلازمة ما قبل الحيض (PMS) إلى جانب أعراض اضطرابات المزاج مثل التهيج الشديد أو القلق أو الاكتئاب، تتحسن هذه الأعراض في غضون أيام قليلة بعد بدء الدورة الشهرية ولكنها قد تكون شديدة بما يكفي لتؤثر على الحياة اليومية.

  1. الاضطراب الاكتئابي الناتج عن حالة طبية أخرى:

يمكن للعديد من الحالات الطبية أن تحدث تغيرات في الجسم تسبب هذا المرض، ومن الأمثلة على ذلك قصور الغدة الدرقية وأمراض القلب ومرض باركنسون والسرطان.

هناك أيضاً أشكال محددة من اضطراب الاكتئاب الشديد، بما في ذلك:

  1. الاضطراب العاطفي الموسمي (الاكتئاب الموسمي):

هذا شكل من أشكال الاضطراب الشديد الذي ينشأ عادةً خلال فصلي الخريف والشتاء ويختفي خلال فصلي الربيع والصيف.

  1. اكتئاب ما قبل الولادة وما بعد الولادة:

اكتئاب ما قبل الولادة هو الذي يحدث أثناء الحمل، أما ما بعد الولادة فهو الذي يتطور خلال أربعة أسابيع من ولادة الطفل.

  1. الاكتئاب غير النمطي:

تختلف أعراض هذه الحالة والمعروفة أيضاً باسم اضطراب الاكتئاب الشديد ذو السمات غير النمطية عن الاكتئاب “النموذجي”، والفرق الرئيسي هو تحسن مؤقت في المزاج استجابة للأحداث الإيجابية (تفاعل المزاج).

يعاني الأشخاص المصابون بالاضطراب ثنائي القطب أيضاً من نوبات الاكتئاب بالإضافة إلى نوبات الهوس أو الهوس الخفيف.

على من يؤثر الاكتئاب؟

يمكن أن يؤثر على أي شخص بما في ذلك الأطفال والبالغين، وقد تبين أن النساء أكثر عرضة للإصابة من الذكور.

إن وجود عوامل خطر معينة يزيد من احتمالية الإصابة، فعلى سبيل المثال ترتبط الحالات التالية بارتفاع معدلات المرض:

  1. الأمراض التنكسية العصبية مثل مرض الألزهايمر ومرض باركنسون.
  2. السكتة الدماغية.
  3. التصلب المتعدد.
  4. نوبات الصرع.
  5. السرطان.
  6. الضمور البقعي.
  7. الألم المزمن.

الاكتئاب في العالم العربي

هو مرض شائع للغاية حيث أفادت إحدى نتائج الاستطلاع الكبير الذي قامت به شبكة البارومتر العربي البحثية لصالح هيئة الإذاعة البريطانية وشمل عدداً من دول العالم العربي أن نحو 30% من المواطنين العرب إما أنهم شعروا بالاكتئاب أو عانوا من أعراضه ومن ضغوط الحياة اليومية.

أعراض الاكتئاب

يمكن أن تختلف الأعراض قليلاً حسب النوع، ويمكن أن تتراوح من خفيفة إلى شديدة، وبشكل عام تشمل الأعراض ما يلي:

  1. الشعور بالحزن الشديد أو اليأس أو القلق، وقد يكون الأطفال والمراهقون المصابون سريعي الانفعال وليسوا حزينين.
  2. عدم الاستمتاع بالأشياء التي كانت تجلب الفرح.
  3. سهولة الانزعاج أو الإحباط.
  4. تناول الكثير أو القليل جداً من الطعام مما قد يؤدي إلى زيادة الوزن أو فقدانه.
  5. مشكلة في النوم (الأرق) أو النوم أكثر من اللازم (فرط النوم).
  6. وجود انخفاض في الطاقة أو التعب.
  7. مواجهة صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات أو تذكر الأشياء.
  8. المعاناة من مشاكل جسدية مثل الصداع أو آلام المعدة أو العجز الجنسي.
  9. وجود أفكار حول إيذاء النفس أو الانتحار.

أسباب الاكتئاب

لا يعرف الباحثون السبب الدقيق للمرض ويعتقدون أن عدة عوامل تساهم في تطوره بما في ذلك:

  1. كيمياء الدماغ: عدم توازن الناقلات العصبية بما في ذلك السيروتونين والدوبامين.
  2. الوراثة: إذا كان لدى الشخص قريب من الدرجة الأولى (أحد الوالدين البيولوجيين أو الأخوة) مصاب فهو أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة بثلاث مرات تقريباً من عامة السكان.
  3. أحداث الحياة المجهدة: يمكن للتجارب الصعبة مثل وفاة أحد أفراد الأسرة والصدمات النفسية والطلاق والعزلة ونقص الدعم أن تؤدي للإصابة.
  4. الحالات الطبية: الألم المزمن والحالات المزمنة مثل مرض السكري.
  5. الأدوية: بعض الأدوية يمكن أن تسبب المرض كأثر جانبي، كما أن تعاطي المخدرات بما في ذلك الكحول يمكن أن يسبب هذا المرض أو يفاقمه.

تشخيص الاكتئاب

يقوم مقدمو الرعاية الصحية بتشخيص الإصابة بناءً على فهم شامل للأعراض والتاريخ الطبي وتاريخ الصحة العقلية، وقد يقومون بتشخيص الإصابة بنوع معين من الاكتئاب مثل الاضطراب العاطفي الموسمي أو اكتئاب ما بعد الولادة بناءً على سياق الأعراض.

للحصول على تشخيص مؤكد يجب أن يكون لدى المريض خمسة أعراض كل يوم طوال اليوم تقريباً لمدة أسبوعين على الأقل.

قد يطلب مقدم الخدمة إجراء اختبارات طبية مثل اختبارات الدم لمعرفة ما إذا كانت هناك أي حالات طبية كامنة تسبب أعراض المرض لديه، ومن تلك التحاليل:

  1. تحاليل عامة مثل تحليل صورة الدم CBC وتحاليل الشحوم والكولسترول ووظائف الكبد والكلية.
  2. تحليل فتامين D إذ وجد رابط بين نقصه والإصابة بالاكتئاب واضطرابات المزاج.

يجدرالإشارة إلى جميع هذه التحاليل موجودة في مختبرات دلتا، على هيئة تحاليل فردية أو باقات، يمكن الحصول عليها من خلال التوجه لأقرب فرع من فروع مختبرات دلتا الطبية.

طرق علاج الاكتئاب

يعد هذا المرض أحد أكثر حالات الصحة العقلية القابلة للعلاج، حيث أن ما يقرب من 80٪ إلى 90٪ من الأشخاص المصابين الذين يطلبون العلاج يستجيبون في نهاية المطاف بشكل جيد للعلاج.

تشمل خيارات العلاج ما يلي:

  1. العلاج النفسي:

كأحد الأمراض النفسية، يعد العلاج النفسي (العلاج بالكلام) الذي يتضمن التحدث مع أخصائي الصحة العقلية أحد أهم أشكال العلاج، حيث يساعد المعالج على تحديد وتغيير المشاعر والأفكار والسلوكيات غير الصحية، كما أنه يوجد أنواع عديدة من العلاج النفسي والعلاج السلوكي المعرفي (CBT) وهو الأكثر شيوعاً.

في بعض الأحيان، يكون العلاج القصير هو كل ما يحتاجه المريض للتعافي، وقد يستمر أشخاص آخرون في العلاج لعدة أشهر أو سنوات.

  1. الأدوية:

يمكن أن تساعد الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المختص وتسمى بمضادات الاكتئاب في تغيير كيمياء الدماغ التي تسبب المرض. يوجد عدة أنواع مختلفة من هذه الأدوية وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة النوع الأفضل بالنسبة للمريض.

بعض من هذه الأدوية لها آثار جانبية وغالباً ما تتحسن مع مرور الوقت.

  1. الطب التكميلي:

يتضمن العلاجات التي قد يتلقاها المريض جنباً إلى جنب مع الطب الغربي التقليدي.

يمكن للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الخفيف أو الأعراض المستمرة تحسين صحتهم من خلال علاجات مثل الوخز بالإبر والتدليك والتنويم المغناطيسي والارتجاع البيولوجي وبعض الأعشاب مثل الاشواجندا وعشبة الشعير.

  1. العلاج بتحفيز الدماغ:

يمكن أن يساعد العلاج بتحفيز الدماغ الأشخاص الذين يعانون من المرض الشديد أو المصاحب للذهان.

تشمل أنواع العلاج بتحفيز الدماغ العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT) والتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) وتحفيز العصب المبهم (VNS).

هناك أيضاً أشياء يمكن القيام بها في المنزل للمساعدة في تحسين الأعراض، بما في ذلك:

  1. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  2. الحصول على نوم متوازن (ليس قليلاً جداً أو كثيراً).
  3. تناول نظام غذائي صحي.
  4. تجنب تناول المشروبات الكحولية التي تعتبر من المواد المسببة للاكتئاب.
  5. قضاء الوقت مع الأشخاص الذين تهتم بهم.

الوقاية من الاكتئاب

لا يمكن منع الإصابة بالاكتئاب، ولكن يمكن المساعدة في تقليل المخاطر عن طريق:

  1. تحسين الحاله الروحانية والاعتماد على الله.
  2. الحفاظ على روتين نوم صحي.
  3. إدارة التوتر من خلال آليات التكيف الصحية.
  4. ممارسة أنشطة الرعاية الذاتية المنتظمة مثل التمارين الرياضية.

 

المراجع:

American Psychiatric Association. What Is Depression?

Centers for Disease Control and Prevention. Mental Health Conditions: Depression and Anxiety

Merck Manual. Depression 

National Institute of Mental Health. Depression Basics.

اذهب إلى الأعلى