ارتجاع المريء GERD: توقف عن المعاناة! دليلك لاستعادة الراحة والتحكم بأعراضك للأبد
التجشؤ ظاهرة يعاني منها الجميع، بغض النظر عن أعمارهم. في بعض الأحيان، نُفاجأ بطعم حمضي يزحف إلى أفواهنا إثر التجشؤ، أو نستشعر حرقة مقلقة تتأجج في صدورنا.
في العديد من الحالات، يُعتبر ارتجاع المريء GERD هو المسؤول عن هذا السلوك غير المرغوب، إنه يجبر محتويات المعدة الحمضية، سواء كانت أطعمة أو سوائل، على العودة إلى المريء، وصولاً إلى الحلق والفم، تاركًا وراءه طعمًا لاذعًا ومزعجًا، وعندما تتكرر هذه النوبات على مدى زمن طويل، يتطور الارتجاع الحمضي إلى حالة مزمنة تُعرف بمرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD)، الذي قد يؤدي، إذا ترك دون علاج، إلى مجموعة من المشكلات الصحية المحتملة.
ما هو ارتجاع المريء GERD؟
مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD)، أو ما يُعرف بالارتجاع الحمضي المزمن، هو حالة مزمنة تتسبب في عودة حمض المعدة إلى المريء، ذلك الأنبوب العضلي الذي يربط المعدة بحلق الإنسان (البلعوم).
إن ارتداد الحمض إلى المريء يُحدث تهيجًا في بطانته، مما يترك أثرًا سلبيًا على الشعور بالراحة،
ويُعتبر ارتجاع المريء الشكل المزمن لحرقة المعدة والارتجاع الحمضي.
فإذا كنت تعاني من أعراض ارتجاع المريء أكثر من مرتين في الأسبوع، فقد تكون مُصابةً بحالة تُعرف باسم داء الارتجاع المعدي المريئي (GERD).
أسباب الارتجاع المريئي
قد ينشأ ارتجاع المريء GERD نتيجة لضعف العضلة العاصرة المريئية السفلية (LES)، وهي حلقة عضلية تتولى مهمة الفصل بين المريء والمعدة، وهناك عدة عوامل تسهم في هذا الضعف، منها:
- الفتق الحجابي: حيث يتجه الجزء العلوي من المعدة للظهور نحو الصدر عبر الحجاب الحاجز.
- السمنة: يفرض الوزن الزائد ضغوطًا على منطقة البطن، مما يدفع بمحتويات المعدة نحو المريء.
- الحمل: التغيرات الهرمونية والضغط الناتج عن الحمل قد يسهم في ظهور مرض الارتجاع المعدي المريئي.
- التدخين: يؤثر سلبًا على العضلة العاصرة المريئية السفلى، وقد يزيد من حدة الأعراض.
- بعض الأطعمة والمشروبات: مثل الحمضيات والشوكولاتة والكافيين، وكذلك الأطعمة الحارة والدهنية، يمكن أن تثير حالات الارتجاع.
- تأخر إفراغ المعدة: حالات مثل شلل المعدة، حيث تستغرق المعدة وقتًا أطول للتخلص من محتوياتها.
- اضطرابات النسيج الضام: يمكن أن تؤدي الحالات التي تمس الأنسجة الضامة إلى إضعاف العضلة العاصرة السفلية للمريء.
أعراض ارتجاع المرىء الشديد
ارتجاع المريء هو حالة مرضية يمكن علاجها، لكن العديد من المصابين لا يعون أنهم مصابون بها نظرًا لتشابه أعراضها مع حالات أخرى، من الأعراض الشائعة لارتجاع المريء نجد:
- حرقة المعدة، خصوصًا بعد الأكل، وخصوصًا في الليل.
- ألم في الصدر.
- شعور بالغثيان.
- الانتفاخ والغازات والتجشؤ.
- عدم القدرة على تحمل بعض الأطعمة.
- صعوبة في البلع.
- ارتجاع الطعام أو السوائل الحمضية.
- شعور بوجود كتلة في الحلق.
الأعراض المصاحبة لارتجاع الحمض الليلي
إذا حدث ارتجاع الحمض أثناء الليل، قد يعاني الشخص من:
- اضطرابات في النوم.
- سعال مزمن.
- تفاقم الربو أو ظهوره حديثًا.
- التهاب الحنجرة.
غالبًا ما يعاني الكثير من الأشخاص من أعراض ارتجاع المريء GERD الحين والآخر، خاصة بعد تناول وجبات غنية أو عند الاستلقاء بعد الطعام، إذا تكررت الأعراض مرتين أسبوعيًا على الأقل، يمكن تشخيصها كمرض ارتجاع المريء (GERD)، في بعض الأحيان، قد تزداد الأعراض شدة، إذا استمرت الأعراض، يُنصح باستشارة طبيب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي.
متى تختفي أعراض ارتجاع المرىء؟
تختفي أعراض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) عادةً، أو تتحسن بشكل ملحوظ عند اتباع تغييرات في نمط الحياة واستخدام الأدوية الموصوفة، ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أن هذا المرض مزمن وقد يستمر طوال الحياة، وهذا يعني أن الأعراض قد تعود في كثير من الأحيان إذا تم التوقف عن العلاج، أو عدم الالتزام بتغييرات نمط الحياة، وقد يؤدي إهماله إلى تطور مضاعفات خطيرة.
هل ارتجاع المرىء مرض خطير؟
لا يُعتبر ارتجاع المريء لدى معظم الأفراد مسببًا لمضاعفات خطيرة. ومع ذلك، إذا تأخر التشخيص والعلاج، فقد يؤدي إلى مشاكل صحية حادة تهدد الحياة.
- تضيق المريء: يحدث نتيجة تلف الجزء السفلي من المريء بفعل حمض المعدة، مما يؤدي إلى تكون نسيج ندبي يضيّق مجرى الطعام، ويؤدي إلى صعوبات في البلع.
- قرحة المريء: التي هي عبارة عن قرحة مفتوحة في المريء، يمكن أن تنجم عن تآكل الأنسجة بفعل حمض المعدة، مما يؤدي إلى ظهور قرحة قد تسبب نزيفًا وآلامًا وصعوبة في البلع.
- مريء باريت: يمثل تغييرات ما قبل سرطانية في أنسجة الجزء السفلي من المريء نتيجة الضرر الناتج عن الحمض، هذه التغيرات ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان المريء، الذي يظهر في نسبة صغيرة من الأشخاص الذين يعانون من مريء باريت.
- مشكلات متنوعة أخرى: الربو والسعال المزمن ومشاكل التنفس الأخرى قد تتفاقم إذا تم استنشاق حمض المعدة إلى الرئتين، كما يمكن أن تظهر مشاكل في الأسنان، مثل تآكل مينا الأسنان، وأمراض اللثة، وغيرها من القضايا المتعلقة بالأسنان.
5 طرق لتشخيص ارتجاع المريء GERD
يمكن أن تتضمن الفحوصات التشخيصية لمرض الارتجاع المعدي المريئي ما يلي:
-
تنظير المريء والمعدة والاثني عشر
المعروف أيضًا بـ EGD أو التنظير العلوي، يتضمن إدخال طبيب الجهاز الهضمي لكاميرا مرنة (منظار داخلي)، عن طريق الفم لفحص المريء والمعدة والأمعاء الدقيقة بحثًا عن أي تشوهات، قد يتم أخذ عينات من الأنسجة غير الطبيعية، مثل مريء باريت.
-
كبسولة قياس الحموضة اللاسلكية (برافو)
تُثبّت كبسولة صغيرة داخل المريء أثناء التنظير، تحمل جهاز تسجيل يتتبع كمية ارتجاع الحمض لمدة أربعة أيام، يقوم المريض بتدوين أي أعراض يشعر بها للتأكد، مما إذا كانت تتزامن مع نوبات ارتجاع الحمض المسجلة، وسوف يتأكد طبيبك مما إذا كانت مرتبطة بارتجاع الحمض، ستنفصل الكبسولة تلقائيًا وتخرج مع البراز، وسيتم تفسير المعلومات لاحقًا بواسطة طبيب جهاز هضمي متخصص في أمراض المريء.
-
اختبار معاوقة الرقم الهيدروجيني للمريء
يتضمن إدخال أنبوب رفيع عبر الأنف إلى المريء لقياس كمية السائل الذي يدخل المريء من المعدة (الارتجاع) على مدار 24 ساعة، كما يقيس ما إذا كانت الأعراض تتزامن مع نوبات الارتجاع.
-
قياس ضغط المريء عالي الدقة
يتم تقييم ضغط العضلات وقوتها وتناسقها في المريء وعضلة المريء العاصرة، من خلال إدخال أنبوب رفيع جدًا عبر الأنف إلى المعدة، حيث تُقاس وظيفة عضلات المريء أثناء بلع السوائل.
-
تصوير المريء
يتناول المريض سائل باريوم ثم تُجرى له أشعة سينية لتقييم عملية البلع، بالإضافة إلى فحص المريء بالكامل أثناء تفريغه في المعدة، قد يُطلب من المريض أيضًا تناول قرص ليتم تصويره بالأشعة السينية لتقييم وظيفة المريء.
علاج ارتجاع المرىء نهائيا
قد يُوصي طبيبك بعدد من العلاجات المتنوعة لمشكلة ارتجاع المريء GERD، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
علاج ارتجاع المرىء في المنزل
في حالة الإصابة بالارتجاع المريئي من النوع الخفيف، يُمكنك اتباع تلك التعليمات:
- إجراء تغييرات في نمط الحياة، مثل تجنب بعض الأطعمة، أو تقليل حجم الوجبات، والبقاء في وضعية مستقيمة لساعات بعد الأكل.
- رفع رأس السرير بمقدار 6 إلى 9 بوصات باستخدام كتل خشبية أو وسادة إسفنجية، مما يساعد الجاذبية على تقليل عودة الحمض أثناء النوم.
- فقدان الوزن وتجنب التدخين يعدان من الخطوات الفعالة في المنزل.
مشروبات لعلاج ارتجاع المرىء
يمكن لبعض المشروبات أن تساهم في تخفيف الأعراض، مثل:
- شاي الأعشاب: مثل البابونج أو الزنجبيل (خالٍ من الكافيين).
- الحليب قليل الدسم، أو الخالي من الدسم: يقلل مؤقتًا من حموضة المعدة.
- الماء: يساعد على معادلة الحمض وغسل المريء.
أسماء أدوية لعلاج ارتجاع المرىء
تتوفر مجموعة من الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية لعلاج مرض ارتجاع المريء GERD وأعراضه، ومنها:
- مضادات الحموضة: تعمل على معادلة حموضة المعدة وتوفر راحة سريعة وخفيفة، إلا أن الإفراط في استخدامها قد يؤدي إلى آثار جانبية، مثل الإسهال ومشاكل في الكلى.
- حاصرات مستقبلات الهيستامين 2 (H2 Blockers): تقلل هذه الأدوية من إنتاج الحمض، مما يوفر راحة لفترة أطول مقارنة بمضادات الحموضة، رغم أنها قد لا تكون سريعة بنفس القدر، يمكن أن تستمر فعالية هذه الأدوية في تقليل إنتاج الحمض حتى 12 ساعة.
- مثبطات مضخة البروتون (PPIs): لها تأثير مشابه في تقليل حمض المعدة، وترتبط بشكل وثيق بشفاء التهاب المريء الناتج عن الارتجاع.
إذا لم تشعر بتحسن ملحوظ عند استخدام دواء متاح دون وصفة، فقد يوصي طبيبك بدواء بوصفة طبية من مثبطات مضخة البروتون (PPIs)، بالإضافة إلى ذلك، هناك دواء يُعرف باسم باكلوفين (Flexofen)، وقد أثبت فعاليته في تقليل ارتخاء العضلة العاصرة المريئية السفلية.
علاج ارتجاع المريء GERD جراحيًا
إذا كانت التغييرات في نمط الحياة والعلاج بالأدوية غير كافية للتعامل مع ارتجاع المريء، فقد تكون مؤهلاً للخضوع لجراحة، تشمل الخيارات الجراحية المتاحة لعلاج هذه الحالة ما يلي:
- تثنية القاع (Fundoplication): في هذا الإجراء، يقوم الجراح بخياطة الجزء العلوي من المعدة حول المريء، مما يزيد من الضغط عند الطرف السفلي للمريء ويمنع الارتجاع.
- جهاز لينكس (LINX): هو إجراء جراحي طفيف التوغل يتضمن استخدام حلقة من خرزات مغناطيسية صغيرة تُثبت حول منطقة التقاء المعدة والمريء، تكون قوة الجذب المغناطيسي بين الخرزات كافية لمنع الارتجاع، ولكنها تسمح بمرور الطعام بسهولة.
- ثني قاع المريء عبر الفم بدون شق (TIF): يُعتبر هذا الإجراء الأحدث حيث يتم شد الجزء السفلي من المريء بطريقة غير جراحية باستخدام منظار داخلي يُدخل عبر الفم، مما يلغي الحاجة لإجراء شق جراحي.
علامات الشفاء من ارتجاع المرىء
لا يعني الشفاء بالضرورة زوال المرض المزمن، بل يشير إلى تراجع تأثيره بشكل ملحوظ في حياة المريض، تتضمن علامات نجاح العلاج والتحسن ما يلي:
- اختفاء كامل أو شبه كامل لحرقة المعدة: وهي العلامة الأوضح على الإطلاق.
- القدرة على النوم بعمق دون أي اضطرابات: فلا يستيقظ المريض بسبب السعال أو الاختناق أو ارتجاع الحمض.
- العودة إلى نظام غذائي طبيعي نسبيًا: حيث يمكن تناول الأطعمة التي كانت تثير الأعراض سابقًا دون أن تسبب أي ارتجاع.
- توقف الحاجة إلى الأدوية أو تقليل جرعاتها بشكل كبير: خصوصًا الأدوية الموصوفة، مثل مثبطات مضخة البروتون (PPIs).
- تحسن المشاكل المرتبطة بالارتجاع: مثل السعال المزمن أو بحة الصوت، أو تحسين أعراض الربو غير المبررة.
- عدم ظهور مضاعفات جديدة: مثل تدهور حالة المريء الذي يظهر في التنظير، أو ظهور علامات تضيق أو مريء باريت.
الخلاصة
يعتبر ارتجاع المريء (GERD) من الحالات الشائعة، والمزمنة التي يمكن علاجها والتحكم بها بفعالية، إذ تبدأ الأعراض عادةً بشعور بالحرقة والتجشؤ، ثم تتطور إلى حالة مزمنة تحتاج إلى اهتمام خاص.
على الرغم من أن الارتجاع ليس عادةً مهددًا للحياة، فإن إهماله قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل مريء باريت. لذلك، فإن الخطوة الأساسية نحو الشفاء والتحكم هي التشخيص الدقيق من خلال الفحوصات المختلفة، بالإضافة إلى الالتزام الصارم بتغييرات نمط الحياة والعلاج الدوائي، مع الأخذ بعين الاعتبار الخيارات الجراحية إذا لزم الأمر.
لا تنتظر حتى تزداد الأعراض سوءًا؛ بل استشر طبيبًا متخصصًا لوضع خطة علاج تناسب حالتك، وتساعدك على التمتع بحياة خالية من اضطرابات الارتجاع.