الإجهاض المتكرر: الأسباب والحلول لنجاح الحمل المستقبلي
الإجهاض المتكرر هو حالة تؤثر على الكثير من النساء حول العالم، حيث تتكرر فقدان الحمل أكثر من مرة بشكل متتالي، وهذه الحالة تسبب شعور بالحزن والقلق لدى المرأة والأزواج، كما تستدعي متابعة طبية دقيقة لفهم الأسباب الكامنة خلفها، وهناك عوامل متعددة قد تؤدي إلى الإجهاض المتكرر، حيث تشمل العوامل الوراثية، الهرمونية، وأحيانًا مشكلات في الرحم، ومعرفة السبب يساعد في تحديد العلاج المناسب وزيادة فرص الحمل الناجح في المستقبل، ومن الضروري أن تلجأ المرأة إلى الطبيب المختص لإجراء الفحوصات اللازمة والإرشاد المناسب، والحصول على الدعم النفسي والاجتماعي يلعب دور مهما في تخطي هذه التجربة الصعبة.
ما هو الإجهاض المتكرر؟
يعني الإجهاض المتتالي تعرض المرأة لثلاث حالات إجهاض مبكرة أو أكثر، حتى لو كان بينها حمل ناجح، حيث يعرف الإجهاض المبكر بأنه فقدان الحمل خلال الأسابيع الاثني عشر الأولى، وهو ما يسمى بالثلث الأول من الحمل، ولا يشترط أن تكون جميع حالات الإجهاض مع نفس الشريك، وسابقًا كان يعتبر الإجهاض المتكرر هو حدوث ثلاث حالات إجهاض متتالية فقط، وعند الإصابة بالإجهاض المتكرر يمكن إجراء فحوصات للتعرف على السبب، وقد تكون هناك إمكانية لإجراء بعض الفحوصات حتى لو لم تحدث ثلاث حالات إجهاض بعد.
أسباب الإجهاض المتكرر
تتنوع الأسباب المحتملة للإجهاض المتكرر التي قد تؤدي إلى فقدان الحمل ثلاث مرات أو أكثر، وبعض هذه الأسباب يمكن فحصها وعلاجها لتحسين فرص الحمل المستقبلي، وأبرز الأسباب هي:
الكروموسومات غير الطبيعية
الكروموسومات تحتوي على التعليمات الوراثية لنمو الجنين، حيث يحدث الإجهاض غالبًا عندما يكون عدد الكروموسومات غير صحيح أو تركيبها خاطئ حتى وإن كان لدى الوالدين كروموسومات طبيعية، قد ينقل أحد الشريكين كروموسومات غير طبيعية تتسبب في الإجهاض المتكرر.
اضطرابات تخثر الدم
بعض اضطرابات تخثر الدم مثل الذئبة الحمراء ومتلازمة أضداد الفوسفوليبيد تؤدي إلى تجلط الدم في المشيمة، وهذا يؤثر على توصيل الأكسجين والمغذيات للجنين، مما قد يسبب الإجهاض المتكرر، كما يمكن تشخيص هذه الحالات بفحوصات خاصة، ويتم علاجها بتخفيف الدم أحيانًا باستخدام الأدوية.
اختلال التوازن الهرموني
وجود مستويات غير طبيعية من بعض الهرمونات يزيد خطر الإجهاض المتكرر مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو ارتفاع هرمون البرولاكتين، وبعض الهرمونات مسؤولة عن استقرار الحمل وتطوره، ويجب مراقبتها وعلاج أي خلل بها، وإدارة حالات مثل السكري بشكل صحيح يقلل كذلك من خطر الإجهاض.
متلازمة تكيس المبايض
تعاني النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض من خطر أعلى للإجهاض المتكرر، والسبب الدقيق غير معروف حتى الآن، لكن قد تؤثر الاضطرابات الهرمونية المرتبطة بها على ثبات الحمل، ويحتاج الأمر إلى مزيد من الأبحاث لتحديد العلاقة الدقيقة وسبل العلاج.
شكل الرحم وضعف عنق الرحم
الشكل غير الطبيعي للرحم قد يزيد من احتمالية الإجهاض والولادة المبكرة، ويكتشف ذلك عبر فحوصات تصويرية، وضعف عنق الرحم يعني قصره وانفتاحه مبكرًا قبل الولادة، مما قد يؤدي إلى فقدان الحمل في الثلث الثاني، كما يمكن علاج ضعف العنق بطرق جراحية أو تدابير طبية لتحسين فرص الحمل.
الإجهاض المتكرر غير المبرر
قد لا يكون هناك سبب واضح لحدوث الإجهاض المتكرر غير المبرر في بعض الحالات، وقد تختلف أسباب فقدان كل حمل عن الآخر، وغالبًا ما تكون الاختبارات غير قادرة على تحديد السبب بدقة لكل حالة على حدة، وهذا الأمر قد يصعب تقبله، وخاصة عندما لا يكون هناك علاج أو تغيير ممكن للوقاية، ولابد أن تعلمي أن معظم النساء اللاتي يعانين من ثلاثة إجهاضات غير مبررة يتمتعن بحمل صحي في المستقبل، ويمكن إجراء بعض التغييرات للحد من خطر الإجهاض، وهناك أدوات دعم تساعدك على تقدير فرص الحمل الناجح بناء على الأبحاث الحديثة.
أعراض الإجهاض المتكرر
تختلف أعراض الإجهاض من حالة لأخرى، فبعضها يسبب ألم ونزيف واضحين، بينما قد لا تظهر أعراض في حالات أخرى، ومن المهم التعرف على الأعراض الشائعة التي قد تدل على حدوث إجهاض لتتمكن المرأة من طلب المساعدة الطبية في الوقت المناسب، وتشمل هذه الأعراض:
- نزيف أو بقع دموية قد تبدأ خفيفة وتزداد مع الوقت.
- آلام في الظهر تتراوح بين الخفيفة والشديدة، وتكون أسوأ من تقلصات الدورة الشهرية.
- إفرازات مخاطية بيضاء أو وردية اللون تخرج من المهبل، وقد تكون مؤشرًا على تغيرات داخل الرحم.
- انقباضات مؤلمة تحدث بفواصل زمنية تتراوح بين 5 إلى 20 دقيقة، تشبه تقلصات المخاض.
- خروج أنسجة تشبه الجلطة من المهبل، وهي علامة على نزول محتويات الحمل.
- انخفاض مفاجئ في علامات الحمل مثل غياب الأعراض أو نزول الدم، مما قد يدل على الإجهاض المتكرر.
أنواع الإجهاض
هناك عدة أنواع من حالات الإجهاض التي قد تواجهها المرأة خلال مراحل مختلفة من الحمل، ولكل نوع خصائصه وأعراضه، فهم هذه الأنواع يساعد في التعرف على الحالة وتلقي الرعاية المناسبة، ومنها:
الحمل الكيميائي
الحمل الكيميائي يحدث عندما ينتهي الحمل بالإجهاض قبل الأسبوع الخامس من الحمل، وغالبًا ما يكون قبل أن يظهر الجنين في التصوير، وفي هذه الحالة يكون اختبار الحمل إيجابيًا لكن لا يتطور الحمل بشكل طبيعي وينتهي مبكرًا.
الإجهاض المبكر والإجهاض المتكرر
الإجهاض المبكر هو فقدان الحمل خلال الأسابيع الاثني عشر الأولى من الحمل، وهو الأكثر شيوعًا، حيث يعرف بحدوث ثلاث حالات إجهاض أو أكثر في الأشهر الثلاثة الأولى، وهي تجربة صعبة تتطلب متابعة طبية دقيقة.
الإجهاض الفائت
في حالة الإجهاض الفائت يموت الجنين في الرحم دون أن تعاني المرأة من أعراض واضحة مثل النزيف أو الألم، الأمر يحتاج إلى فحص طبي لتأكيد توقف نمو الجنين واتخاذ القرار المناسب.
الإجهاض المهدد
يستخدم مصطلح الإجهاض المهدد عند حدوث نزيف أو ألم في بداية الحمل دون فقدان الحمل فعليًا، وهذه الحالة قد تستدعي مراقبة طبية دقيقة للتأكد من استقرار الحمل أو اتخاذ الإجراءات اللازمة.
الإجهاض غير المكتمل والإجهاض المتأخر
الإجهاض غير المكتمل يحدث عندما يبدأ الإجهاض المتكرر، لكن تبقى بعض أنسجة الحمل داخل الرحم، مما قد يستدعي التدخل الطبي، والإجهاض المتأخر هو فقدان الحمل الذي يحدث في الثلث الثاني بين الأسبوع الثالث عشر والرابع والعشرين من الحمل، ويختلف عن الإجهاض المبكر في الأسباب والإجراءات.
طرق تشخيص الإجهاض المتكرر
إذا تعرضتي لثلاث حالات إجهاض لابد أن يطلب منكي طبيبك إجراء مجموعة من الفحوصات لمساعدته في تحديد السبب، وسيبدأ الطبيب بجمع معلومات مفصلة عن تاريخك الطبي وحملك السابق لتكوين صورة واضحة للحالة، بعد ذلك سيجري لكي فحص جسدي شامل للتأكد من سلامتك العامة، وتشمل الفحوصات المطلوبة عادة تحاليل دم لتقييم عوامل مختلفة قد تؤثر على الحمل، وقد يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات تصويرية لفحص شكل الرحم، وقد يطلب تحاليل وراثية للبحث عن أسباب محتملة مرتبطة بالكروموسومات.
أضرار الاجهاض المتكرر
للإجهاض المتكرر تأثير عاطفي قوي على الزوجين، حيث يشعران بضيق، قلق، واكتئاب في كثير من الأحيان، وقد يصاحب ذلك عواقب طبية للأم مثل العدوى أو النزيف الحاد بعد فقدان الحمل، كما يمكن أن يؤثر الإجهاض بشكل متكرر على صحة الخصوبة في المستقبل، مما يجعل الحمل القادم أكثر تحدي، ولذلك من المهم متابعة الحالة طبيًا ونفسيًا لضمان أفضل رعاية ممكنة.
بحث تومي حول أسباب الإجهاض
يعد بحث تومي من المصادر المهمة في دراسة أسباب الإجهاض، حيث يركز على العوامل الطبية والبيولوجية التي تؤدي إلى فقدان الحمل، ويشمل البحث تحليل الكروموسومات، والاختلالات الهرمونية، ومشاكل الرحم التي ترتبط بالإجهاض المتكرر، كما يستعرض دور عوامل التخثر وتأثيرها على تدفق الدم إلى المشيمة، ويهدف البحث إلى تحسين فهم الأسباب لتطوير فحوصات وعلاجات دقيقة تساعد على تقليل مخاطر الإجهاض.
الإجهاض المتكرر ومتلازمة أشرمان
يمكن أن تسبب متلازمة آشرمان تغيرات داخلية في الرحم تؤدي إلى صعوبات بالخصوبة، بما في ذلك مشكلات زرع الجنين والإجهاض بشكل متكرر، كما ترتبط هذه المتلازمة بأعراض نسائية مثل انقطاع الطمث الثانوي أو انقطاع الطمث وآلام الحوض، والتي تحتاج إلى متابعة دقيقة، وتعتبر متلازمة آشرمان حالة مكتسبة وليست وراثية، حيث تحدث غالبًا عند النساء اللاتي خضعن لإجراءات توسيع وكحت بعد الإجهاض الطوعي أو التلقائي، فهم أسباب هذه الحالة يساعد في الوقاية والعلاج المناسب للحفاظ على صحة الرحم.
الاختبارات والعلاجات للإجهاض المتكرر
هناك عدة خيارات علاجية تساعد في تقليل خطر الإجهاض أكثرمن مرة وتحسين فرص الحمل الصحي، وتشمل هذه الخيارات ما يلي:
جراحة
الجراحة قد تصلح مشاكل في الرحم مثل الأنسجة الزائدة الحاجزة أو الأورام الليفية أو النسيج الندبي، وعادة تستخدم تنظير الرحم لإجراء العملية عبر المهبل، وتجرى في نفس اليوم مع فترة شفاء قصيرة، وتصحيح شكل الرحم يساعد في تقليل احتمالية الإجهاض وزيادة فرص الحمل المستقر.
أدوية تسييل الدم
تستخدم أدوية مثل الأسبرين والهيبارين لعلاج النساء المصابات بمشاكل الإجهاض المتكرر بسبب تخثر الدم أو أمراض المناعة الذاتية، وهذه الأدوية تقلل من خطر تجلط الدم في المشيمة أثناء الحمل، كما يجب أخذها فقط تحت إشراف طبيب لتجنب مضاعفات النزيف.
تصحيح المشاكل الطبية الأخرى
علاج الحالات المزمنة مثل داء السكري، واضطرابات الغدة الدرقية، أو ارتفاع هرمون البرولاكتين يمكن أن يحسن من نجاح الحمل، والسيطرة على هذه الأمراض تساعد في توفير بيئة مناسبة لنمو الجنين وتقليل خطر الإجهاض.
الفحص الجيني
في نسبة من الأزواج تحدث اختلالات كروموسومية نتيجة لإعادة ترتيب غير طبيعية في كروموسومات أحد الوالدين، ويمكن إجراء فحص دم لتحديد هذه المشكلة، وقد يوصى بالاستشارة الوراثية، والتلقيح الصناعي مع الفحص الجيني قبل الزرع يستخدم لاختيار أجنة سليمة لتعزيز فرصة الحمل الصحي.
خيارات نمط الحياة
تحسين نمط الحياة مثل الإقلاع عن التدخين، وتقليل الكافيين والكحول، والحفاظ على وزن صحي يعزز فرص الحمل الناجح، حيث أن تغييرات بسيطة في العادات اليومية تؤثر إيجابيًا على صحة المرأة والحمل.
كيف يمكن الوقاية من الإجهاض المتكرر
معظم حالات الإجهاض بشكل متكرر تحدث بسبب خلل في كروموسومات الجنين، وقد يؤثر عمر الأم أيضًا على فرصة الحمل الناجح، وهناك عدة خطوات يمكن اتخاذها للوقاية من الإجهاض:
- ابحثي عن طبيب متخصص لتحصلي على الرعاية المناسبة والدعم الطبي اللازم لمتابعة حملكِ ومشكلتكِ الصحية.
- الإقلاع عن التدخين قبل محاولة الحمل، وهناك برامج دعم تساعد على ذلك.
- تقليل استهلاك الكافيين إلى أقل من 200 ملليغرام يوميًا، ما يعادل كوب قهوة متوسط الحجم.
- إجراء فحوصات إذا كانت هناك أعراض أو احتمال التعرض لها، مع مراجعة الطبيب للكشف المبكر والعلاج.
- تناول حمض الفوليك يوميًا قبل وأثناء الحمل لتقليل خطر الإجهاض والعيوب الخلقية، ويتم تحديد الجرعة المناسبة من قبل الطبيب.
- مقاومة الأنسولين أو داء السكري من النوع الثاني يمكن أن يرفع خطر الإجهاض المتكرر، لذلك من المهم إجراء فحص واتباع العلاج المناسب إذا لزم الأمر.
الحمل بعد الإجهاض بشكل متكرر
الحمل بعد الإجهاض قد يكون فترة صعبة، وخاصة بعد تكرار الإجهاض ثلاث مرات أو أكثر، وفي هذه الحالة تحتاجين إلى رعاية طبية متخصصة تشمل فحوصات إضافية، ويتم ترتيب هذه الرعاية عادة عبر المستشفى أو طبيبك العام مع وجود معلومات تفصيلية حول رعاية الحمل المستقبلي، وإذا حدث نزيف في بداية الحمل قبل الأسبوع الثاني عشر، ننصحك بالعلاج بالبروجسترون بعد التقييم في وحدة تقييم الحمل المبكر، ويظهر استخدام البروجسترون فرقًا في زيادة فرص نجاح الحمل بنسبة 5% لمن تعرضوا لإجهاض واحد أو اثنين، وبنسبة 15% لمن تعرضوا لثلاث حالات إجهاض أو أكثر.
خطر الإجهاض حسب أسبوع الحمل
تشير العديد من الأبحاث إلى أن خطر الإجهاض المتكرر ينخفض بشكل كبير بعد مرور 12 أسبوعًا من الحمل، إلا أنه لا توجد إحصائيات دقيقة تحدد المخاطر حسب كل أسبوع، من المعروف أن معدل الإجهاض يقل بحلول نهاية الأسبوع الثاني عشر، ولكن من المهم أيضاً معرفة أن الخطر يبدأ في الانخفاض بعد الأسبوع السادس أو السابع عندما يظهر نبض الجنين.
تشير الدراسات إلى أن وجود نبض قلب الجنين يقلل من خطر الإجهاض إلى نحو 10%، وغالبًا لا يُكتشف نبض القلب إلا في الفحص بالموجات فوق الصوتية الأول حول الأسبوع الحادي عشر أو الثاني عشر، إلا أن النساء اللاتي يتبعن علاج الخصوبة يخضعن لفحوصات مبكرة تساعدهن على متابعة الحمل بدقة أكبر.








