التوحد: دليلك الشامل للأعراض المبكرة والتشخيص والعلاج

هل لاحظت أن طفلك لا ينتبه لك عند ذكر أسمه، أو لا ينظر إلى عينيك بشكل مباشر عند الاقتراب منه؟ قد تبدو لك هذه التصرفات أمرًا طبيعيًا في البداية، إلا أنها قد تكون مؤشرًا أوليًا لإصابة طفلك بـ التوحد، وهو ما يستدعي استشارة الطبيب المختص لفحص الطفل والتأكد من سلامته.

وفي هذا المقال سوف تُقدم مختبرات دلتا الطبية، دليلاً شاملاً لكل ما تحتاجون إلى معرفته، بشأن مرض التوحد عند الأطفال، ابتداءًا من التعرف على ماهية هذا المرض وأسبابه وأعراضه، ومرورًا بأهم الفروق الطبية بينه وبينه المشاكل الصحية الآخرى، وختامًا بطرق التشخيص والعلاج.

تعريف التوحد 

يُعرف التوحد بأنه اضطراب في النمو العصبي عند الطفل، مما يؤثر في طريقة عمل الدماغ؛ وينعكس ذلك على تواصله وتفاعله مع غيره من الأشخاص.

وقد يتساءل البعض: هل يُعد التوحد مرضًا؟ في الحقيقة، الإجابة هي لا؛ فالتوحد ليس مرضًا عضويًا يزول من خلال الأدوية العلاجية، بل أنه اختلاف في آلية عمل الدماغ؛ يؤثر على طريقة الإدراك، والاستجابة للمؤثرات من حول الطفل.

ورغم هذا الاختلاف، يمكن تحسين مهارات الطفل ودعم تطوره من خلال عدد من برامج العلاج السلوكي والتأهيل التربوي المبكر، وهو ما يُساعده على الاندماج بشكل أفضل في المجتمع.

الجدير بالذكر؛ أوضحت منظمة الصحة العالمية في تقرير سابق لها خلال عام 2021، أن نسبة تعرض الأطفال إلى هذا الاضطراب العصبي بلغت طفلاً واحد من كل 127 طفل.

ما الفرق بين التوحد وطيف التوحد؟

قد يظن البعض أن كلاً منهما يُمثل اضطرابًا مُختلفًا، ولكن في الحقيقة كلاهما وجهان لنفس الاضطراب الذي قد يُصيب الأطفال، فمصطلح الطيف (ASD)، يعني المسمى الطبي الكامل للتوحد، ويُشير إلى تعدد أنواع ودرجات هذا الاضطراب من حيث السلوك والعلامات الدالة على كل نوع.

درجات التوحد عند الأطفال

قبل تقدم العلوم الطبية، كان الأطباء والعلماء يقسمون التوحد إلى 4 أنواع مختلفة تتمثل في الآتي: 

ولكن مع تطور العلوم والمفاهيم الطبية، تم التوصل إلى أن الأنواع السابقة لا تختلف في طبيعتها، بل أن عنصر الاختلاف يكمن في درجة شدة الأعراض واستجابة الطفل للتعامل والتأهيل، لذا تم وضع جميع الأنواع المذكورة من قبل تحت مسمى (اضراب طيف التوحد ASD).

والآن، تم تقسيم هذا الأضطراب إلى 3 مستويات رئيسية، تتمثل في الآتي:

  • المستوى الأول (التوحد الخفيف): يكون الطفل خلالها قادرًا على الكلام والتعبير، ولكنه قد يواجه صعوبة في بدء الحديث أو الاستمرار فيه، كما أنه غالبًا لا يفهم لغة الجسد أو نبرة الصوت بسهولة، لذلك يحتاج إلى دعم بسيط في التواصل والاندماج الاجتماعي.
  • المستوى الثاني (التوحد المتوسط): في هذا المستوى تكون الصعوبات أوضح، فالطفل قد يتحدث بعبارات قصيرة أو يكرر بعض الكلمات، كما تظهر عليه سلوكيات مُتكررة سوف نتعرف عليها فيما يلي.
  • المستوى الثالث (التوحد الشديد): يُعد أشد درجات الطيف، إذ يعاني الطفل من ضعف شديد في التواصل، أو قد لا يتمكن من الكلام إطلاقًا، كما تكون استجابته للتفاعل محدودة جدًا.

ما الذي يميز طفل التوحد؟

على الرغم من أن هذا الاضطراب يؤثر على آلية عمل الدماغ، إلا أن الطفل المُصاب به يُمكن أن يتمتع بالآتي:

  • الشجاعة وعدم الخجل في التحدث أمام مجموعة كبيرة من الأشخاص.
  • يمتلكون شعورًا قويًا بالصواب والخطأ تجاه أفعالهم.
  • التعبير الصادق عن أفكارهم.
  • القدرة على التركيز والانتباه لفترات طويلة من الزمن.

أعراض التوحد عند الأطفال 

كيف أعرف أن طفلي سليم من التوحد؟ ما العلامات الحمراء لمرضى التوحد؟ تُعد التساؤلات السابقة أكثر ما يراود الآباء عند اشتباه إصابتهم بهذا الإضطراب، لذا حرصت مختبرات دلتا الطبية على جمع أبرز الأعراض التي تظهر عادةً قبل بلوغ 3 سنوات، والتي تتطلب المُتابعة الطبية والإهتمام، وهي كالآتي:

  • أعراض توحد الأطفال المتعلق بالتواصل الاجتماعي

تظهر على الأطفال المصابين بالتوحد مجموعة من العلامات، التي تعكس صعوبات في التفاعل والتواصل مع الآخرين، ومن أبرزها:

    • ضعف التواصل البصري أو تجنبه تمامًا أثناء الحديث.
    • عدم الاستجابة عند مناداة الطفل باسمه.
    • مقاومة العناق أو الحمل. 
    • الرغبة الواضحة إلى العزلة واللعب بمفرده.
    • صعوبة في التعبير عن المشاعر أو فهم تعبيرات الآخرين الوجهية.
    • تأخر في الكلام أو محدودية القدرة على تكوين الجمل.
    • التحدث بطريقة غير معتادة؛ مثل: (استخدام نغمة آلية أو إيقاع متكرر في الكلام).
    • عدم القدرة على بدء المحادثة، أو الاستمرار فيها.
    • تكرار بعض الكلمات أو العبارات بشكل متواصل دون سياق واضح.
  • أعراض توحد الأطفال المرتبط بالسلوك 

لا تقتصر أعراض اضطراب التوحد على التواصل الإجتماعي، بل أن هُناك مجموعة من العلامات المُتعلقة بالسلوك، كالآتي:

  • القيام بتصرفات مؤذية للذات مثل: (العض أو ضرب الرأس).
  • تكرار حركات معينة باستمرار كالتأرجح أو الدوران أو رفرفة اليدين.
  • الرفض الشديد لأي تغيير في الروتين اليومي.
  • المشي بطريقة غير معتادة مثل: (المشي على أطراف الأصابع).
  • التركيز على تفاصيل صغيرة وغير اساسية، مثل: (عجلات السيارة) بدلًا من السيارة نفسها.
  • الحساسية المفرطة تجاه الأصوات، أو الأضواء أو اللمس.
  • تفضيل أنواع محددة من الأطعمة، أو رفض أطعمة معينة بسبب قوامها أو ملمسها.

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى التوحد؟

على الرغم من التطورات التي يشهدها المجال الطبي كل لحظة، إلا أن التعرف على أسباب التوحد لا تزال مجهولة، فبعض الدراسات الطبية أشارت إلى أن التوحد قد ينتج عن عوامل وراثية، دون تحديد الجينات المسؤولة عن حدوثه.

كما رجح العلماء أن هُناك عدة عوامل قد تزيد من إحتمالية الإصابة مثل:

  • الجنس: يُعد الأطفال الذكور أكثر عُرضة للإصابة بهذا الاضطراب بالمقارنة مع الإناث.
  • تاريخ عائلي: إذا كان هُناك إصابات سابقة في الأسرة بهذا الاضطراب فقد تزداد إحتمالية الإصابة. 
  • تجاوز عمر كلا الأبوين 35 عامًا.
  • حدوث الحمل خلال فترة قصيرة (أقل من 12 شهرًا) بعد إنجاب الطفل السابق.
  • الإصابة بـ سكري الحمل أثناء فترة الحمل.
  • التعرض إلى نزيف خلال الحمل.
  • الإصابة بمتلازمة كروموسوم إكس الهش.
  • استخدام بعض الأدوية مثل: (الفالبروات) خلال فترة الحمل.
  • أن يكون حجم الجنين أقل من المعدل الطبيعي.
  • نقص كمية الأكسجين التي تصل إلى الجنين أثناء الحمل أو الولادة.
  • الولادة المبكرة قبل اكتمال نمو الجنين.

تشخيص طيف التوحد

يعتمد تشخيص هذا الاضطراب على معرفة الحالة الصحية العامة للطفل، ويتم ذلك من خلال إجراء فحص بدني شامل، ثم القيام بقياس المهارات الأساسية والتي تتمثل في الآتي:

  • القدرة على التحدث والتعلم.
  • مراقبة سلوكيات الطفل الحركية.

وقد تتساءلين الآن: هل هذا يكفي؟ وفي الحقيقة؛ عادة ما يقوم الطبيب المختص بطلب إجراء عددًا من الفحوصات الطبية التي من أبرزها:

    • اختبار الحمض النووي للطفل DNA.
  • اختبارات طبية على البصر والسمع عند الطفل.
  • استبيان الفحص المبكر للتوحد: وهو عبارة عن 40 سؤال يتم طرحهم على الآباء، وهي طريقة تُساعد الطبيب في تحديد خطر الإصابة.

هل يشفى الطفل من طيف التوحد؟

الشفاء يكون في الأمراض العضوية، أما بالنسبة لهذا الاضطراب فلا يوجد علاج يُساعد على الشفاء منه، بل أن سُبل العلاج المُتاحة تعمل على تعزيز سلوكياته وقدرته على التواصل.

وتتعدد طرق العلاج المستخدمة، لكي تتناسب مع حاجة كل طفل، وهي كالآتي:

  • تحليل السلوك التطبيقي (ABA): يُعد من أكثر البرامج العلاجية استخدامًا، إذ يُركز على تعزيز السلوكيات الإيجابية وتقليل السلوكيات غير المرغوبة؛ وهو ما ينعكس إيجابًا على مهارات الطفل الفكرية والاجتماعية.
  • تدخل تطوير العلاقات: يعمل على تعزيز المهارات الاجتماعية، وتعليم الطفل كيفية الانخراط في المواقف الاجتماعية وتكوين علاقات صحية مع من حوله.
  • نموذج دنفر المبكر: هو نموذج يتخذ من اللعب وسيلة للتعلم، ويُستخدم لدى للأطفال من عمر عام إلى 4 أعوام، ويهدف إلى تنمية مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين.
  • العلاج المهني: يهدف إلى مساعدة الطفل على اكتساب مهارات الحياة اليومية، مثل: (ارتداء الملابس والعناية بالنظافة الشخصية)، وهو ما يغرز لديه الشعور باستقلالية بشكل تدريجي.
  • علاج النطق والتخاطب: يُساعد في تحسين قدرة الطفل على التواصل اللفظي وغير اللفظي، وفهم لغة الجسد؛ مما يُسهل تفاعله اليومي مع الآخرين.
  • برنامج تيتش (TEACCH): هو برنامج تربوي تعليمي يُطبق عادةً في المدارس بعد تقييم قدرات الطفل بشكل فردي؛ ويهدف إلى دعم التواصل الاجتماعي والاندماج المجتمعي، من خلال التعليم البصري، والمشاركة في الأنشطة، وتعزيز الاعتماد على الذات.

في الختام، تؤكد مختبرات دلتا الطبية على أن التوحد ليس عائقًا أمام الطفل؛ فهو حالة صحية تجعله مُميزًا عن من حوله، وذلك يتطلب فقط الدعم النفسي والسلوكي، لتحسن مهارته.

المصادر

التوحد | Autism

اضطراب طيف التوحد

Autism 

التوحد

اذهب إلى الأعلى