سرطان الثدي الفصيصي: ما لا تعرفيه عن الأسباب والأعراض والعلاج
هل سمعتِ من قبل عن سرطان الثدي الفصيصي؟ قد يبدو الأمر للوهلة الاولى غير معروفًا، على الرغم من أنه أحد أنواع السرطان، ويُصنف الثاني شيوعًا بالنسبة لأورام الثدي عند النساء.
وفي هذا المقال سوف نقدم لكِ دليل شامل عن هذا النوع من السرطان، بدايةً من التعرف على ماهيته وأسبابه، وأعراضه ووصولاً إلى طرق تشخيصه وعلاجه، ومدى خطورته على الصحة.
ما هو الورم الفصيصي في الثدي؟
قبل أن نتعرف على سرطان الثدي الفصيصي، لابد أولاً من أن نُشير إلى أن الثدي يتكون من مجموعة من الأنسجة والغدد (الفصيصات)، والقنوات (الأقنية)، ويلعب كلً منهما دورًا يُكمل الأخر، ولكن رغم أهميتهم، إلا أنه يُمكن أن يُصيب السرطان أي منهما، وتختلف درجة خطورته وفقًا لنوع المكون المُصاب.
أما بالنسبة لـسرطان الثدي الفصيصي، فهو مُصطلح طبي عام لحالة طبية معينة، ويعرف بأنه أحد أنواع السرطان التي تُصيب فصيصات الثدي، أي الغدد المسئولة عن إنتاج الحليب، وتختلف نسبة الإصابة به وفقًا لنوعه.
وقد يراودك سؤال: هل السرطان الفصيصي في الثدي خبيثًا؟ وفي الحقيقة لا يُمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال فقرة واحدة، لذا سوف نُجيب عنه فيما يلي بشكل تفصيلي.
ما هي أنواع سرطان الثدي الفصيصي؟
للإجابة على كون السرطان الفصيصي خبيثًا أم لا، يحتاج الأمر أولا إلى أن نُشير إلى أن هذا النوع من السرطان ينقسم إلى نوعين لكلً منهما خصائص كالآتي:
-
السرطان الفصيصي الموضعي (LCIS)
يُعرف هذ النوع من سرطان الثدي الفصيصي بأنه حالة نادرة الحدوث، حيث تُصاب به 4 على 11 سيدة من كل 100 ألف، ويحدث نتيجة وجود خلايا غير الطبيعية في غدد الثدي (الفصيصات).
وعلى الرغم من أن نوع من السرطان، إلا أنه في الحقيقة لا يُعد سرطانًا، وقد تتساءلِ: كيف ذلك؟، وفي الحقيقة أن الخلايا غير الطبيعية في الفصيصات تظل موضعية، أي أنها لا تنتشر إلى مكان آخر من الثدي أو الجسم بشكل عام.
ولكن رغم إنخفاض خطورته، إلا أنه لا يزال مؤشرًا أوليًا للإصابة بسرطان الثدي، لذا لابد من المُتابعة الطبية، للوقاية مستقبلاً من اي أورام تُصيب الثدي.
-
السرطان الفصيصي الغازي (LCI)
لا يختلف سرطان الثدي الفصيصي الغازي من حيث التعريف عن النوع الموضعي السابق، ولكن الفرق يكمن في كون هذا النوع يستطيع الانتشار في أجزاء آخرى من الثدي بشكل خاص والجسم بشكل عام.
وتُشكل نسبة الإصابة به 10%، حيث يُعد أكثر شيوعًا في الفئة العمرية للنساء اللاتي فوق 55 عامًا، ولكن ذلك لا يعني أنه يقتصر على هذه الفئة العمرية فقط، بل يُعد شائًعا لدى الإناث التي تمتلك تاريخ وراثي للإصابة به.
وهُنا يُمكننا الإجابة على سؤال: هل السرطان الفصيصي في الثدي خبيثًا؟ والجواب هو إذا كان من النوع الغازي فإنه يُصنف طبيًا بأنه خبيثًا، ويرجع ذلك إلى أمرين وهما:
- عدم ظهور كتلة أو ورم محسوس في الثدي؛ نتيجة انتشاره داخل أنسجة الثدي في صفوف أو خيوط رفيعة جدًا من الخلايا.
- صعوبة التعرف عليه مُبكرًا سواء من خلال العلامات التي لا تظهر في الراحل الأولى منه، أو من خلال الفحوصات التصويرية للثدي، مثل الماموجرام، والموجات فوق الصوتية.
أسباب سرطان الثدي الفصيصي
لا يوجد طبيًا شئ يُعرف بأسباب السرطان الفصيصي، فكما ذكرنا أن هذا النوع هو مصطلح عام، يندرجه تحته النوع الموضعي، والغازي ولكلً منهما أسبابه سوف نتعرف عليها:
-
أسباب السرطان الفصيصي الموضعي في الثدي
- حتى الآن لم تُشير الدراسات الطبية إلى السبب الدقيق للإصابة بهذا النوع، فالبعض يرجح أنها نتيجة طفرات جينية.
-
أسباب السرطان الفصيصي الغازي في الثدي
يحدث هذا النوع عندما تؤدي الطفرات الجينية إلى تحول الخلايا السليمة داخل فصيصات الثدي إلى خلايا غير طبيعية، تنمو بشكل غير منضبط، فتبدأ بمهاجمة الأنسجة المحيطة.
ورغم أن السبب الدقيق لهذه الطفرات لا يزال غير مفهوم تمامًا، إلا أن الدراسات تشير إلى وجود عدد من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بهذا النوع من السرطان، من أبرزها:
- التقدّم في العمر: خاصةً بعد سن 55 عامًا.
- الولادة الأولى بعد سن الثلاثين أو عدم الإنجاب مطلقًا.
- إصابة السابقة بسرطان الثدي.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي أو سرطان المبيض.
- الإصابة المسبقة بـ سرطان الفصيصات الموضعي (LCIS).
- الوراثة الجينية لبعض الطفرات: مثل: (BRCA1 وBRCA2).
- بدء الدورة الشهرية في عمر مبكر: (قبل سن الثانية عشرة).
- تأخر انقطاع الطمث: لما بعد سن الخامسة والخمسين.
- استخدام العلاج الهرموني البديل: لفترات طويلة لعلاج أعراض انقطاع الطمث.
الجدير بالذكر؛ لا يعني وجود أي من هذه العوامل ضرورة الإصابة بهذا النوع من السرطان، ولكن وجودهم يُعد مؤشرًا ضروريًا للقيام بالفحوصات الطبية الدورية للسرطان بشكل منتظم للتأكد من عدم الإصابة.
أعراض سرطان الثدي الفصيصي
يجب أن تكون كل مرأة على دراية كاملة، بأعراض سرطان الثدي بجميع أنواعه، حتى تتمكن من اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة في حالة ملاحظة أي عرض غير طبيعي، كما يلي:
تغيّرات في ملمس أو بنية الثدي
- قد تظهر كتلة غير مؤلمة داخل الثدي أو تحت الإبط.
- تورم أو امتلاء غير مبرر في جزء من الثدي.
- زيادة صلابة أو سماكة في منطقة معينة من الثدي مقارنة بباقي الأنسجة.
تغيّرات في شكل أو مظهر الثدي
- اختلاف في حجم أو شكل الثديين بشكل ملحوظ.
- احمرار أو تورم أو سخونة في جلد الثدي.
- تجعّد أو تنقير في الجلد يشبه قشرة البرتقال.
تغيّرات في الحلمة والهالة
- انكماش أو انقلاب الحلمة إلى الداخل بعد أن كانت في وضعها الطبيعي.
- إفرازات غير طبيعية من الحلمة، وقد تكون مائلة إلى اللون الدموي.
- جفاف أو تقشّر أو تحجّر الجلد حول الحلمة أو في الهالة المحيطة بها.
ألم أو شعور بعدم الراحة
- ألم مستمر أو متقطع في الثدي أو تحت الإبط.
- إحساس بالثقل أو الشدّ داخل نسيج الثدي.
تضخّم العقد اللمفاوية
- تورّم أو بروز في منطقة الإبط قد يشير إلى تضخّم العقد اللمفاوية.
- أحيانًا يمكن الشعور بـ كتل صغيرة أو عقد صلبة تحت الجلد في الجهة القريبة من الثدي المصاب.
وبعد أن تعرفنا على أهم الأعراض، لابد من الإشارة إلى أن ليس بالضروري ظهور أعراض مثل: (الآلم، وأحمرار الجلد واختلاف حجم الثديين)، أن يكون ذلك علامة على السرطان، حيث يُمكن أن تكون بسبب أي مشكلة صحية مثل التهاب الثدي؛ لذا يجب مراجعة الطبيب فورًا.
كيف يتم تشخيص سرطان الثدي الفصيصي؟
تتعدد طرق تشخيص سرطان الثدي الفصيصي، فعادةً ما يقوم الطبيب المختص بالفحص السريري أولاً ومعرفة التاريخ الصحي للحالة، ومن ثم يوصي بإجراء مجموعة من الفحوصات الطبية التي تتنوع بين التحاليل المخبرية والأشعة التصويرية، وغيرهم، وفيما يلي نتعرف عليهم بشكل تفصيلي:
- اختبارات الدم
تُعد تحاليل الدم إحدى الوسائل الأساسية المساعدة في تشخيص سرطان الثدي، حيث تُستخدم لقياس بعض المؤشرات الحيوية الخاصة بالأورام، والتي قد تدل على نشاط غير طبيعي في خلايا الثدي، مثل:
-
- اختبار مستقبلات الهرمونات (الإستروجين والبروجسترون): لتحديد ما إذا كان نمو الورم يعتمد على الهرمونات الأنثوية.
- اختبار HER2: لقياس وجود بروتين HER2 في الخلايا السرطانية، وهو ما يُساعد الطبيب على اختيار نوع العلاج الموجَّه الأنسب للحالة.
-
الفحوصات التصويرية
تُعتبر الفحوصات التصويرية من أهم الأدوات التي تُساعد في تحديد طبيعة الورم وموقعه بدقة، كما تكشف عن مدى انتشاره إلى الأنسجة المحيطة، وتتنوع هذه الفحوصات لتشمل ما يلي:
1. تصوير الثدي بالأشعة السينية (الماموجرام)
يُعد الماموجرام الخطوة الأساسية في الفحص، إذ يُظهر صورًا ثنائية أو ثلاثية الأبعاد للثدي، تُساعد في الكشف عن التكلسات الدقيقة أو الكتل الصغيرة غير المحسوسة.
وفي بعض الحالات، قد يكون من الصعب الحصول على صور واضحة بسبب سماكة أنسجة الثدي، وهنا يُفضل اللجوء إلى فحص الموجات فوق الصوتية كبديل مساعد.
2. الموجات فوق الصوتية (Ultrasound)
يُستخدم هذا الفحص كإجراء تكميلي للماموجرام، ويتميّز بكونه آمنًا وغير مؤلم، إذ يساعد الطبيب على تحديد مكان الورم بدقة وقياس حجمه، كما يُفيد في التمييز بين الكتل الصلبة وتلك المملوءة بالسوائل.
3. تصوير الرنين المغناطيسي (MRI)
يُعد الرنين المغناطيسي للثدي من أكثر وسائل التشخيص دقة، خاصةً عندما تكون نتائج الأشعة الأخرى غير واضحة، ويعتمد على موجات مغناطيسية وصبغة خاصة لإنتاج صور تفصيلية لأنسجة الثدي، مما يُمكّن الطبيب من
- الكشف عن الأورام الصغيرة جدًا التي قد لا تُرى في الفحوصات الأخرى.
- تقييم مدى انتشار الورم داخل الثدي أو انتقاله إلى الثدي الآخر.
الخزعة (Biopsy)
تُعتبر الخزعة الإجراء الحاسم في تأكيد التشخيص، إذ يقوم الطبيب بأخذ عينة صغيرة من نسيج الثدي الذي يظهر فيه الاشتباه، ثم تحليلها تحت المجهر لتحديد نوع الخلايا السرطانية وخصائصها، وتُساعد نتيجة الخزعة في وضع خطة علاج دقيقة ومتكاملة تناسب كل حالة بشكل فردي.
طرق علاج سرطان الثدي الفصيصي
عادةً ما تختلف خطة العلاج من سيدة لأخرى وفقًا لمرحلة المرض ونوع الخلايا السرطانية، ولكن بشكل عام تتضمن رحلة علاج سرطان الثدي بأنواعه، عدة خطوات أساسية، يُحدِّد الطبيب ترتيبها، ومدتها وفقًا لكل حالة.
العلاج الكيميائي
في كثير من الحالات، يكون العلاج الكيميائي هو أولى خطوات العلاج، حيث يُساعد على تقليص حجم الورم، والتقليل من سرعة نموه قبل التدخل الجراحي، وفي بعض الأحيان، يوصي الطبيب بتكرار جلسات العلاج الكيميائي بعد الجراحة، لضمان القضاء على أي خلايا سرطانية قد تبقى داخل الجسم.
الجراحة
تُعد الجراحة من أهم مراحل العلاج، وتهدف إلى إزالة الورم السرطاني من الثدي بشكل كامل، وفي الحالات المتقدمة، قد يضطر الطبيب إلى استئصال الثدي بالكامل مع إزالة بعض العقد اللمفاوية تحت الإبط لتقليل احتمالية عودة الورم مرة أخرى، تُحدَّد طبيعة العملية بناءً على حجم الورم ومدى انتشاره.
العلاج الإشعاعي
يُستخدم بعد الجراحة مباشرةً بهدف تدمير أي بقايا مجهرية من الخلايا السرطانية، وقد تكون ما زالت موجودة في أنسجة الثدي، ويُعتبر العلاج الإشعاعي من الوسائل الفعّالة في الحد من خطر تكرار الإصابة مستقبلاً.
العلاج الموجَّه
يُخصص هذا النوع من العلاج للحالات التي تُظهر فيها الخلايا السرطانية إيجابية في مستقبل HER2، ويعتمد على أدوية تستهدف البروتين المسؤول عن تحفيز نمو الخلايا السرطانية، ما يُساعد في إبطاء أو إيقاف انتشار المرض، غالبًا ما يُستخدم العلاج الموجَّه بجانب العلاج الكيميائي أو بعد الجراحة لزيادة فاعلية النتائج.
العلاج الهرموني
يُستخدم هذا النوع من العلاج عندما تحتوي الخلايا السرطانية على مستقبلات لهرموني الإستروجين أو البروجسترون، حيث يعمل على منع تأثير هذه الهرمونات التي تُساعد عادةً على نمو الورم، وقد يمتد العلاج الهرموني لعدة سنوات بعد الجراحة بهدف تقليل احتمالية عودة السرطان من جديد وضمان استقرار الحالة على المدى الطويل.
اسئلة شائعة عن سرطان الثدي الفصيصي
يُعد السرطان الفصيصي للثدي من الأنواع التي تُثير تساؤلات المرضة وأسرهم، لذا حرصت مختبرات دلتا الطبية، على جمع أبرز هذه التساؤلات والإجابة عنها فيما يلي من قبل فريقنا الطبي:
هل يحتاج سرطان الثدي الفصيصي الموضعي الاستئصال؟
عادةً لا يحتاج النوع الموضعي من السرطان الفصيصي إلى الاستئصال، إلا في حالة ظهور علامات تدل على نموه وبدء انتشاره في إجزاء أخرى من الثدي.
هل يسبب سرطان الثدي الفصيصي ألمًا؟
غالبًا لا يكون مؤلمًا في المراحل الأولى، لأن الورم لا يتكوّن على شكل كتلة صلبة، ولكن مع تقدّم الحالة، قد تشعر المريضة بثقل، أو شدّ، أو ألم خفيف في منطقة معينة من الثدي.
في الختام؛ الوعي والكشف الذاتي للثدي، هما سلاح الوقاية من الإصابة بأي نوع من أنواع سرطانات الثدي؛ لذا احرصي على فحص ثدييكِ بانتظام، ومتابعة أي تغيّرات قد تطرأ على الشكل أو الملمس دون إهمال، ولا تترددي في استشارة الطبيب المختص عند ملاحظة أي أعراض غير معتادة.
المصادر
سرطان الثدي الفصيصي: العلامات وخيارات العلاج