النحافة المزمنة: أسبابها وأبرز أعراضها وأفضل طرق لعلاجها
تتجه الأنظار دائمًا صوب السمنة بأعتبارها من التحديات الصحية الخطيرة، إلا أن النحافة المزمنة، هي الوجه الأخر من هذه التحديات التي يُعاني منها الكثيرون، فهي لا تقل أي أهمية عن زيادة الوزن، وعلى الرغم من خطورتها إلا أن كثير ما يعتقد البعض أنها مجرد تغيرات في مظهر الجسد فقط.
ونظرًا لان الصحة هي أغلى ما يملكه الإنسان، حرصت مختبرات دلتا الطبية على أن يكون هذا المقال، دليل شامل، للتعرف على ماهية النحافة المزمنة، وأسبابها وأعراضها ومخاطرها، والتحاليل اللازمة لتشخيصها، وتوضيح المعتقادات الخاطئة باعتبارها حالة صحية طبيعية.
ما هي النحافة المزمنة؟
تُعرف النحافة المزمنة بأنها أحد أنواع النحافة المرضية، وهي مشكلة صحية يحدث فيها فقدان غير مبرر للوزن، دون الرغبة في حدوث هذا الفقدان، فعادةً ما يبدأ ببعض التغيرات في مظهر الجسم، ولكن سرعان ما يتطور ليؤثر على الصحة العامة وكافة أجزاء الجسم.
وقد تتساءل الأن: ما الفرق بين النحافة الطبيعية والمرضية؟ والجواب يتمثل في قياس مؤشر كتلة الجسم BMI، فهو المؤشر الطبي المعتمد للكشف عن وزن الإنسان، فإذا كان المؤشر 18.5، فهذا يعني أن وزن الشخص مثالي، ولكن ماذا إذا كان أقل من ذلك؟ هذا ما سوف نوضحه فيما يلي من خلال التعرف على أنواع النحافة:
- النوع الاول من النحافة (الخفيفة)
خلال هذا النوع يتراوح مؤشر كتلة الجسم بين (17.0 إلى 18.4)؛ وهو من المؤشرات الأولية التي تتطلب الكشف عنها من حين لآخر، للتأكد من عدم حدوث أي أنخفاض جديد في كتلة الجسم، فعادةً ما تقل النسبة بشكل بسيط نتيجة حدوث تغير في نمط الحياة.
- النوع الثاني من النحافة (المتوسطة)
يصبح مؤشر كتلة الجسم في هذا النوع (16.0 إلى 16.9)، حيث يظهر نقص الوزن بشكل أكثر وضوحًا؛ وهو ما يتطلب التقييم الطبي؛ للتعرف على أسباب هذا الانخفاض، والسيطرة عليها لمنع تفاقمها.
- النوع الثالث من النحافة (الشديدة)
يُعتبر هذا النوع من الأنواع الخطيرة، حيث يكون (مؤشر كتلة الجسم أقل من 16.0)، وعادةً ما يُرافقه عدد من المضاعفات الصحية، وهو الأمر الذي يستدعي التدخل الطبي العاجل، لتقديم الرعاية المناسبة، ووضع خطة علاجية متكاملة.
أسباب النحافة المزمنة
على الرغم من أن النحافة بمختلف أنواعها، قد تتشارك في مجموعة من الأسباب، إلا أن النحافة المزمنة تمتاز بكونها أكثر تعقيدًا، حيث أنها ترتبط بأسباب مستمرة؛ مما يعني أن علاجها يبدأ بعلاج السبب الرئيسي لحدوثها أولاً، وفيما يلي نتعرف على الأسباب:
-
الأسباب الوراثية للنحافة المزمنة
من المعروف الدور المحوري التي تلعبه الجينات الوراثية، فالأمر لا يقف فقط على لون العنين أو شكل الشعر، بل يمتد ليشمل معدلات الحرق، حيث يولد بعض الأشخاص وهم يمتلكون جينات تتسم بمعدلات أيض مرتفعة؛ مما يتسبب في زيادة معدل حرق السعرات الحرارية؛ وبالتالي يظل الشخص نحيفًا بشكل مزمن على الرغم من اتباعه نظامًا غذائيًا متوازنًا.
-
الأسباب المرضية
تلعب عدة أمراض دورًا في ظهور النحافة المزمنة، حيث لا يقتصر تأثير المرض على العضو المُصاب فقط، بل يمتد تأثيره ليشمل جميع وظائف الجسم، ومن أبرز الأمراض المزمنة التي تتسبب في هذا النوع من النحافة:
-
داء السكري
اختلال مستويات السكر في الدم، يتسبب في الكثير من التأثيرات الجانبية، والتي من أبرزها فقدان الوزن، الذي يحدث نتيجة عدم قدر الجسم على الاستفادة من الجلوكوز كمصدر رئيسي للطاقة، مما يجعله يقوم باستهلاك الدهون بدلا منه، وهو ما يترتب عليه انخفاض غير مبرر للوزن.
-
السرطان
قد يكون فقدان الوزن غير المبرر من العلامات الأولية لبعض أنواع السرطان، حيث يقوم الورم باستنزاف جزءًا كبيرًا من طاقة الجسم أثناء نموها وانتشارها؛ مما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في الوزن، وغالبًا ما يرتبط ذلك أيضًا بفقدان الشهية واضطراب عملية التمثيل الغذائي، وهو ما يجعل المريض يعاني من تراجع ملحوظ في وزنه وصحته العامة.
-
أمراض الكبد والكلى
يُعرف كلا من الكبد والكلى بأدوارهم التي لا غنى عنها في التخلص من السموم، وتنظيم عمليات الأيض داخل الجسم، وغيرها من أدوار، وفي حالة تعرضهما للتلف أو الالتهاب أو القصور في وظائفهم، يتسبب ذلك في حدوث خلل في عملية الاستفادة من العناصر الغذائية المُختلفة، وهو ما يترتب عليه انخفاض حاد في الوزن.
-
نشاط الغدة الدرقية
عندما تعمل الغدة الدرقية بمعدل أعلى من الطبيعي، يقوم الجسم بإفراز كميات زائدة من هرمون الثيروكسين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم عمليات الأيض، ويتسبب هذا النشاط المفرط في تحفيز الجسم على حرق السعرات الحرارية بسرعة تفوق المعتاد؛ مما يؤدي تدريجيًا إلى فقدان ملحوظ في الوزن مع مرور الوقت.
-
أمراض الجهاز الهضمي
يلعب الجهاز الهضمي دورًا أساسيًا في الحفاظ على صحة الجسم، فهو المسؤول عن هضم الطعام، واستخلاص العناصر الغذائية التي تُمد الخلايا بالطاقة، وتدعم نمو الأنسجة وتجديدها، وعندما يتعرض هذا الجهاز لأي اضطراب، كما يلي، يفقد الجسم قدرته على الاستفادة الكاملة من الطعام؛ مما يؤدي بمرور الوقت إلى نقص واضح في الوزن وانعكاسات سلبية على الصحة العامة:
-
- داء كرون: يُعرف بأنه أحد الأمراض الالتهابية المزمنة التي تصيب الأمعاء، والتي تُعيق امتصاص العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم.
- قرحة المعدة: هي تقرحات مؤلمة تُصيب بطانة المعدة، وتؤثر بشكل واضح على الشهية، كما تُقلل من كمية الطعام التي يستطيع المريض تناولها، وهو ما ينعكس على وزنه وصحته العامة.
- التهاب القولون: يتسبب في ظهور مجموعة من الأعراض المؤلمة مثل: (آلام المتكررة والإسهال المزمن)؛ مما يتسبب في فقدان السوائل، والعناصر الغذائية بشكل كبيرة.
-
الاضطرابات النفسية المرتبطة بالأكل
لا تتوقف أسباب النحافة المزمنة عند حدود الأمراض العضوية فحسب، بل قد يكون للعوامل النفسية أثر بالغ في التأثير على الوزن، سواء بالزيادة أو النقصان، ومن أبرز العوامل المُتسببة في فقدان الوزن، والتي تُعرف باسم اضطرابات الأكل النفسية، والتي تظهر في صور مُتعددة، منها:
- فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa): هو اضطراب يدفع المريض إلى الخوف الشديد من زيادة الوزن، فيلجأ إلى تقليل كميات الطعام بشكل ملحوظ؛ مما يؤدي تدريجيًا إلى فقدان وزن مفرط، وانعكاسات خطيرة على الصحة العامة.
- النهام العصابي (Bulimia Nervosa): هو حالة يُعاني فيها الشخص من نوبات مُتكررة من الإفراط في تناول الطعام، يعقبها مُباشرة سلوكيات ضارة للتخلص مما تناوله، مثل: (التقيؤ المتعمد أو استخدام الملينات)، وهو ما يؤدي مع الوقت إلى فقدان الوزن وضعف الجسم.
أعراض النحافة المزمنة
لا تختلف أعراض النحافة المزمنة عن الأنواع الأخرى من النحافة، ولكن يكمن عنصر الاختلاف في مدة استمرار هذه الأعراض، فعلى الرغم من أن حدتها متفاوته بين الأشخاص، إلا أنها مدة استمرارها تُعتبر من أطول الفترات، وذلك لارتباطها بأسباب مزمنة أي أنها مُستمرة، ومن أبزر هذه الأعراض:
- الشعور المتكرر بالصداع.
- انخفاض مفاجئ وملحوظ في الوزن.
- ضعف المناعة وكثرة التعرض للأمراض.
- فقدان الشهية.
- الشعور بالتعب والأعياء.
- شحوب الوجه والبشرة.
- تساقط الشعر بشكل مفرط.
- مشاكل في الأسنان مثل: (تراجع اللثة أو ضعف بنية الأسنان وهشاشتها).
- غياب الدورة الشهرية عند النساء.
وتنصح مختبرات دلتا الطبية، في حالة الشعور بأي من الاعراض السابقة، بضرورة استشارة الطبيب المختص، للتعرف على سبب ظهورها، ووضع خطة علاجية تمنع من تفاقم هذه الأعراض.
مخاطر النحافة المزمنة
تبدأ مخاطر النحافة في الظهور عادةً في النوع الثاني والثالث، وهي علامات تستدعي الرعاية الصحية العاجلة، نظرًا لتهديدها الصحة العامة، وتتمثل في الآتي:
-
- هشاشة العظام وآلام المفاصل.
- فقر الدم (الأنيميا).
- اضطرابات الدورة الشهرية.
- ضعف الجهاز المناعي.
- مشكلات في القلب والأوعية الدموية.
علاج النحافة المزمنة
هل تبحث عن افضل علاج للنحافة؟ في الحقيقة أن جميع سُبل العلاج المُتاحة يُمكن استخدامها لكافة أنواع النحافة وليس النحافة المزمنة فقط.
وتتعدد طرق العلاج المُتاحة، والتي يتم تحديد الأنسب منها، بواسطة الطبيب المختص، وذلك حسب مستوى النحافة التي يُعاني منه الشخص، وفيما يلي نتعرف على أفضل الطرق المُستخدمة:
علاج النحافة في أسرع وقت
- زيادة السعرات الحرارية: يوصى بأختيار أطعمة عالية الطاقة وغنية بالقيمة الغذائية، مثل: (المكسرات والزيوت الصحية)، حيث يُساعد ذلك على رفع السعرات اليومية، بطريقة آمنة دون التأثير على الصحة.
- الدهون الصحية: تلعب دورًا رئيسيًا في دعم صحة القلب والدماغ وتنظيم الهرمونات، كما تُساهم في زيادة الوزن بشكل صحي، وأبرز مصادرها الطبيعية تشمل زيت الزيتون، الأفوكادو، والمكسرات.
- البروتين: يُعد عنصرًا أساسيًا لبناء العضلات والحفاظ على الكتلة العضلية أثناء زيادة الوزن، ويُستمد من اللحوم، الأسماك، البيض، والبقوليات.
- الكربوهيدرات المعقدة: تزود الجسم بالطاقة بشكل مستمر، وتساعد على ثبات مستويات السكر في الدم، ويُفضل التركيز على الحبوب الكاملة والخضروات.
مشروبات لزيادة الوزن
يمكن لبعض المشروبات أن تكون عنصرًا مساعدًا في استعادة الوزن، خصوصًا لمن يجدون صعوبة في تناول وجبات كبيرة، ومن أهم هذه المشروبات:
- سموذي الحليب والفواكه: مثل: (خليط الموز مع الحليب أو المانجو مع الزبادي)، حيث يمد الجسم بسعرات عالية وفيتامينات مهمة، وسهل تناوله في أي وقت.
- العصائر الطبيعية: مثل: (البرتقال والجزر والتفاح)، حيث تعمل على ترطيب الجسم وتزوده بالفيتامينات والمعادن الأساسية.
- المشروبات الساخنة المغذية: مثل: (الشوكولاتة الساخنة بالحليب كامل الدسم)، حيث تعمل على تحفيز الشهية وزيادة السعرات اليومية بشكل طبيعي.
أفضل أدوية لعلاج النحافة المزمنة
قد يوصي أخصائي التغذية في بعض الحالات، بضرورة التدخل الطبي الذي يُعزز من دور الغذاء، وذلك في حالات نقص العناصر الغذائية الكبير، ومن أبرز طرق العلاج:
- محفزات الشهية: هي أدوية أو مواد طبيعية؛ تساعد على زيادة الرغبة في تناول الطعام، وتشجع على تناول وجبات أكبر.
- المكملات الغذائية: هي مجموعة من الفيتامينات والمعادن الأساسية مثل: (الحديد، الزنك، وفيتامين B12)، التي تعمل على تعزيز الطاقة العامة، وتُساعد في زيادة الرغبة تجاه الطعام.
- علاج الأمراض المسببة للنحافة: إذا كانت النحافة نتيجة مرض مثل: (فرط نشاط الغدة الدرقية أو اضطرابات الجهاز الهضمي)، يصف الطبيب العلاج المناسب للتحكم في الحالة، وتحسين القدرة على اكتساب الوزن.
في الختام؛ تدرك مختبرات دلتا الطبية أن النحافة المزمنة قد تكون تحديًا صعبًا، لكن المعرفة الصحيحة والخطوات الصحية تجعل التغلب عليها ممكنًا، لذا؛ تذكر دائمًا أن كل خطوة صغيرة نحو الاهتمام بنفسك، هي خطوة كبيرة نحو حياة أكثر صحة وحيوية.