التأخر اللغوي والتواصل: دليلك الشامل من الطبيعي إلى المقلق

منذُ اليوم الأول من الميلاد، يظل كلا الأباء في انتظار اللحظة التي ينطق فيها الطفل كلمة “بابا، ماما”، ولكن يأتي التأخر اللغوي والتواصل  ليؤخر هذه اللحظة، دون أن يدرك الأباء أن هُناك مشكلة في النطق لدى الطفل.

وقد يظن البعض أن هذا التاخر ناتج عن فروق فردية بين الأطفال، ولكن في الحقيقة هُناك نطاق محدد وعلامات معينة، تُنذر إلى وجود مشكلة، وهو ما يستدعي أن يكون الأباء على معرفة كافية به حتى يتمكنوا من اتخاذ القرارات الصحية اللازمة.

لذا، حرصت مختبرات دلتا الطبية، في أن يكون هذا المقال، دليلاً شامل لكل ما تحتاجون إلى معرفته بشأن التأخر اللغوى والتواصل، بدايةً من التعرف على أسبابه وأعراضه وختامًا بطرق تشخيصه وعلاجه.

ما هو التأخر اللغوي والتواصل عند الأطفال؟

يُعرف التأخر اللغوي والتواصل بأنه تحدي صحي يكون خلاله الطفل غير قادر على استخدام اللغة أو فهمها بالمستوى المتوقع لعمره الزمني، سواء في النطق أو تكوين الجمل أو التفاعل اللفظي.

بمعنى آخر، قد يتحدث بعض الأطفال بعد عمر العامين دون قلق، بينما يُظهر آخرون تأخرًا واضحًا في الكلام أو الاستجابة، فالأمر لا يتعلق بالفروق الفردية بين كل طفل.

فخلال السنوات الأولى من عمر الأطفال، يكونون أكثر قدرة على تخزين جميع الكلمات التي يسمعونها من العائلة، ولكن الفرق يكمن في عدم قدرتهم على نطقها بشكل صحيح وليس تكوينها.

متى يصبح التأخر اللغوي والتواصل مقلقًا؟

يواجه الأباء صعوبة في التفرقة بين التأخر اللغوي الطبيعي وغير الطبيعي، لذا حرصت مختبرات دلتا الطبية أن تُجيب على هذا السؤال من خلال نقطتين كما يلي:

  • التأخر اللغوي الطبيعي: يكون خلال العام الأول والثاني من عمر الطفل.
  • التأخر اللغوي غير الطبيعي: إذا بلغ الطفل عمر 3 سنوات دون أن يستطيع نطق جملة أو تكوين كلمة.

وتنصح مختبرات دلتا الطبية بضرورة التحدث مع الطفل منذُ اليوم الأول من عمره، حتى تبدأ عملية التنمية اللغوية والإدراكية بالعمل.

ما هي أعراض التأخر اللغوي عند الأطفال؟

تنقسم أعراض التأخر اللغوي والتواصل عند الأطفال إلى قسمين لكلًا منهما علاماته التي تتمثل في الآتي:

  • صعوبة التعبير اللفظي

تظهر صعوبات استخدام اللغة عند بعض الأطفال في صورة واحدة، أو أكثر من العلامات التالية:

  • صعوبة الطفل في العثور على الكلمات المناسبة أثناء الحديث.
  • امتلاك حصيلة لغوية محدودة مقارنةً بعمر الطفل.
  • نطق كلمات جديدة غير مفهومة أو غير مستخدمة.
  • حذف كلمات من الجمل أو استخدام أزمنة مختلفة بشكل غير صحيح.
  • تكرار الكلمات أو العبارات الشائعة، بدلًا من التعبير الذاتي.
  • الاعتماد على كلمات مفردة، أو جمل قصيرة وبسيطة.
  • استخدام العبارات نفسها بشكل متكرر دون تنويع في الكلام.
  • تجنّب التفاعل الاجتماعي أو الميل للعزلة أثناء الحديث.
  • مشكلات فهم اللغة 

يواجه الطفل الذي يعاني من صعوبات في فهم اللغة، فبعض التحديات التالية:

  • صعوبة في اتباع التعليمات حتى وإن كانت بسيطة.
  • قلة التركيز أثناء حديث الآخرين، خاصةً في وجود ضوضاء أو أكثر من متحدث.
  • نسيان تفاصيل المحادثات أو تذكرها دون فهم السياق العام.
  • شعور الطفل بالخجل والرغبة في الابتعاد عن التجمعات.
  • سوء تفسير كلام الآخرين أو فهمه بطريقة مختلفة عن المقصود.

ما هي أسباب التأخر اللغوي والتواصل؟

تلعب عدة عوامل دورًا في حدوث مشكلة التأخر اللغوي عند الأطفال، فعلى الرغم من أن الأمر قد يكون طبيعيًا في كثير من الأحيان، إلا أنه قد يكون مؤشرًا على وجود مشكلة تتعلق بالصحة أو الوراثة أو حتى البيئة كالآتي:

  • ضعف أو فقدان السمع: فعدم سماع الأصوات بشكل جيد يؤثر على قدرة الطفل على تقليدها ونطقها لاحقًا.
  • تأخر النضج العصبي: وهو تأخر بسيط في تطور الجهاز العصبي المسؤول عن مهارات الكلام.
  • الشلل الدماغي: نتيجة تأثر مراكز النطق في الدماغ، أو ضعف التحكم بعضلات الفم.
  • صعوبات التعلم: التي قد تعيق الطفل عن اكتساب المهارات اللغوية في الوقت المناسب.
  • الحرمان البيئي أو الإهمال: مثل: (قلة التفاعل مع الأهل أو غياب التحفيز اللغوي داخل المنزل).
  • انخفاض الوزن عند الولادة أو الولادة المبكرة: مما يؤثر على تطور الجهاز العصبي واللغوي.
  • العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي لتأخر النطق يزيد من احتمالية تكراره.
  • الجنس: تُشير الدراسات إلى أن الذكور أكثر عرضة لتأخر النطق مقارنة بالإناث.
  • التهاب الأذن المزمن: يُسبب ضعف مؤقت أو دائم في السمع يؤثر على تطور اللغة.

هل تأخر النطق يعني توحد؟

ليس دائمًا من الضروري أن يكون تأخر النطق أحد علامات اضطراب طيف التوحد (Autism)، إلا إذا صاحبه مجموعة من العلامات التي تُشير إلى التوحد، ومن أبرزها ما يلي:

  • ضعف التواصل البصري أو تجنبه تمامًا أثناء الحديث.
  • عدم الاستجابة عند مناداة الطفل باسمه.
  • مقاومة العناق أو الحمل.
  • الرغبة في العزلة واللعب بمفرده.

تشخيص التأخر اللغوي والتواصل لدى الأطفال

تبدأ خطوات تشخيص التأخر اللغوي من خلال استبعاد أي مشاكل صحية تؤثر على مشكلة صعوبة النطق، مثل: (التهاب الأذن، أو ضعفها، مشكلات في مراكز النطق في الدماغ، وغيرها)، ويتم ذلك من خلال مجموعة من الفحوصات الطبية مثل:

  • التحاليل المخبرية.
  • الفحوصات التصويرية على المخ.
  • الكشف على إيقاع الأذن.

وفي حالة سلامة نتائج الفحوصات السابقة، يُوصى بتحويل الطفل إلى أخصائي تخاطب، لإجراء تقييم شامل لقدراته اللغوية، ويشمل ملاحظة طريقة نطقه، ومدى فهمه للكلمات، واستجابته للأوامر البسيطة.

ومن خلال هذا التقييم، يمكن تحديد مستوى التأخر وأسبابه المحتملة، ثم وضع خطة علاجية فردية تهدف إلى تحسين مهارات الطفل في التواصل والنطق تدريجيًا، مع إشراك الأسرة كعنصر أساسي في مراحل العلاج.

ما هو علاج التأخر اللغوى وصعوبة التواصل عند الأطفال؟

يُعد علاج التأخر اللغوي وصعوبة التواصل رحلة تحتاج إلى تعاون متكامل بين الأهل والأخصائيين، فالهدف ليس فقط مساعدة الطفل على النطق، بل تمكينه من التعبير عن نفسه والتفاعل بثقة مع من حوله، ويعتمد العلاج على السبب وشدة الحالة، إلا أن الخطة العلاجية عادةً ما تتضمن ما يلي:

  • جلسات التخاطب والعلاج اللغوي: 

وهي الخطوة الأساسية في تحسين قدرات الطفل على النطق والفهم، حيث يستخدم أخصائي التخاطب أساليب تفاعلية، وتمارين مخصصة لتقوية عضلات النطق، وتنمية مهارات اللغة تدريجيًا.

  • العلاج السلوكي والتواصل الاجتماعي:

ينصح به مع الأطفال الذين يُعانون من اضطراب طيف التوحد أو صعوبات التواصل، ويُستخدم العلاج السلوكي لتحسين مهارات التواصل غير اللفظي، مثل: (التواصل البصري، ولغة الجسد، وتبادل الأدوار أثناء الحديث).

  • دعم الأسرة في المنزل:

يُمثل دعم الأباء والمحيطين بالطفل دورًا محوريًا في نجاح علاج طفلك، حيث أن التحدث المستمر مع الطفل، وتشجيعه على التعبير، وقراءة القصص له بانتظام، مع تجنب التصحيح القاسي أو المقارنة بالآخرين.

  • علاج المشكلات المصاحبة:

في حال وجود أسباب عضوية مثل: (مشكلات السمع، أو التهابات الأذن المتكررة، أو صعوبات التعلم)، يجب علاجها أولًا لأنها عادةً ما تكون العامل الرئيسي وراء تأخر اللغة.

في الختام، يُعد التأخر اللغوي وصعوبات التواصل من المشكلات القابلة للعلاج بشكل كبير عند اكتشافها مبكرًا، فالاهتمام بملاحظة سلوك الطفل وتشجيعه على التعبير والاستماع له يُحدث فرقًا حقيقيًا في تطوره.

المصادر:

Language disorders

كيف أعرف أن طفلي يعاني من تأخر لغوي ويحتاج إلى تدخل؟

تأخر الكلام عند الأطفال

تأخر النطق | Language Delay

اذهب إلى الأعلى