تُعد السكتة الدماغية واحدة من أخطر الحالات الطبية الطارئة، حيث تتطلب التدخل الفوري لتقليل الضرر المحتمل على الدماغ.

تحدث السكتة الدماغية عندما يتوقف أو يتعرقل تدفق الدم إلى جزء من الدماغ مما يؤدي إلى تلف خلايا الدماغ، ويختلف تأثير السكتة الدماغية على الشخص بناءً على الجزء المتأثر من الدماغ ومدة الانقطاع الدموي.

في هذا المقال سنستعرض ما هي السكتة الدماغية؟ أسبابها وأعراضها مع الإشارة لطرق تشخيصها وطرق العلاج بالإضافة إلى مضاعفاتها.

ما هي السكتة الدماغية؟

هي حالة طبية تحدث عندما يتم قطع تدفق الدم إلى جزء من الدماغ، مما يؤدي إلى نقص الأوكسجين والمواد المغذية اللازمة لخلايا الدماغ.

هناك نوعان رئيسيان من السكتة الدماغية:

1. السكتة الإقفارية (التخثرية) : وهي الأكثر شيوعاً وتحدث عندما ينسد شريان رئيسي يغذي بسبب جلطة دموية.
2. السكتة النزفية: تحدث عندما يتمزق أحد الأوعية الدموية في الدماغ، مما يؤدي إلى نزف داخلي يضر بالخلايا الدماغية.

ما هي أعراض السكتة الدماغية ؟

تختلف أعراضها بحسب الجزء المتأثر من الدماغ، لكن هناك مجموعة من الأعراض المشتركة التي قد تظهر فجأة وتشمل:

1. ضعف أو شلل مفاجئ في جانب واحد من الجسم، سواء في الوجه أو الذراع أو الساق.
2. صعوبة في التحدث أو فهم الكلام.
3. فقدان التوازن أو التنسيق الحركي.
4. رؤية ضبابية أو فقدان الرؤية في عين واحدة أو كلتا العينين.
5. صداع حاد ومفاجئ قد يكون مصحوباً بالدوار أو القيء.
6. صعوبة في البلع.

من الضروري عند ملاحظة أي من هذه الأعراض على الشخص الاتصال بالطوارئ فوراً حيث أن التدخل السريع يمكن أن يقلل من حجم الضرر المحتمل.

ما هي السكتة الدماغية العابرة (TIA)؟

أو ما يُعرف بالنوبة الإقفارية العابرة (Transient Ischemic Attack – TIA) هي نوبة مؤقتة من الأعراض العصبية التي تحدث نتيجة لانقطاع مؤقت في تدفق الدم إلى جزء من الدماغ.

هذه الحالة تشبه السكتة الدماغية الكاملة ولكن الفرق الرئيسي هو أن الانسداد يكون مؤقتاً، مما يعني أن الأعراض تستمر لفترة قصيرة وتختفي عادة في غضون دقائق إلى ساعات دون ترك ضرر دائم على الدماغ.

السكتة العابرة تعد تحذيراً قوياً لاحتمال حدوث سكتة دماغية دائمة في المستقبل، مما يجعل التشخيص المبكر والعلاج السريع أمراً بالغ الأهمية للوقاية من الحالة الدائمة.

تتشابه أعراضها مع السكتة الكاملة ولكن الفرق أنها تختفي بغضون 24 ساعة دون ترك آثار او مضاعفات.

ما هي طرق تشخيص السكتة الدماغية؟

عند الاشتباه في حدوث سكتة دماغية، هناك مجموعة من الفحوصات التي يمكن أن يقوم بها الأطباء لتشخيص الحالة بشكل دقيق، وتشمل:

1. الفحص السريري: حيث يقوم الطبيب بتقييم الأعراض الظاهرة على المريض وسؤاله عن تاريخه الطبي.
2. التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan): يستخدم للكشف عن أي نزيف في الدماغ أو تحديد موقع الجلطة.
3. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يعطي صورة أوضح لأجزاء الدماغ المصابة ويكشف عن التلف الدقيق في الأنسجة الدماغية.
4. فحوصات الأوعية الدموية: مثل تصوير الأوعية الدماغية بالأشعة لتحديد أي انسداد أو تمزق في الأوعية الدموية.
5. اختبارات الدم: تُستخدم لتقييم مستويات الجلوكوز ونسب تخثر الدم ووظائف القلب، حيث قد تشير إلى أسباب أو مضاعفات محتملة للسكتة.

ما هي تحاليل تشخيص مرضى السكتة الدماغية؟

تستخدم تحاليل الدم في تشخيص هذه الحالات لمساعدة الأطباء في تحديد الأسباب المحتملة واستبعاد حالات طبية أخرى وتقييم حالة المريض بشكل عام، بينما لا تُستخدم اختبارات الدم وحدها لتشخيص السكتة الدماغية بشكل مباشر إلا أنها توفر معلومات قيمة.

أهم التحاليل الدموية التي تُجرى لمرضى هذه الحالات تشمل:

1. مستوى الجلوكوز في الدم:

يُجرى هذا التحليل لاستبعاد نقص أو ارتفاع سكر الدم الذي قد يُسبب أعراضاً مشابهة لهذه الحالة المرضية.

2. اختبار زمن البروثرومبين (PT) وزمن الثرومبوبلاستين الجزئي (PTT):

يُستخدم لتقييم قدرة الدم على التجلط، يكون هذا مهماً في حالات السكتة النزفية أو إذا كان المريض يتناول أدوية مضادة للتخثر.

3. تحليل تعداد الدم الكامل (CBC):

يُقيّم هذا التحليل مستويات كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، قد يشير انخفاض أو ارتفاع بعض المكونات إلى وجود حالات مثل العدوى أو مشاكل في التخثر.

4. اختبار مستويات الدهون (البروتينات الدهنية):

يقيس مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، ارتفاع مستويات الدهون يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بهذه الحالات.

5. اختبارات وظائف الكلى والكبد:

تُستخدم لتقييم مدى صحة الكلى والكبد، حيث أن الأمراض المزمنة في هذه الأعضاء يمكن أن تؤثر على العلاج.

6. تحليل مستويات الإلكتروليتات:

يجرى هذا التحليل لتحديد التوازن بين المعادن مثل الصوديوم والبوتاسيوم في الدم، حيث قد تؤدي اضطرابات الإلكتروليت إلى مضاعفات عصبية.

7. تحليل D-dimer:

يُستخدم لتقييم وجود تجلطات دموية في الجسم، قد يكون مفيداً في الحالات التي يُشتبه فيها وجود جلطة دموية تُسبب هذه الحالة الصحية.

8. تحليل مستويات الهيموجلوبين A1c:

يقيس التحكم طويل الأمد في مستوى السكر لدى مرضى السكري، وهو مهم لأن السكري يُعتبر من عوامل الخطر الرئيسية لهذه الحالات.

9. تحليل السموم (Toxicology screen):

يُستخدم لتحديد وجود مواد سامة أو أدوية قد تكون ساهمت في حدوث السكتة الدماغية أو تؤثر على العلاج.

إجراء هذه التحاليل الدموية يساعد الأطباء في تقديم التشخيص المناسب وتحديد الخطة العلاجية الملائمة للحالة.

ما هي أسباب السكتة الدماغية؟

تتعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الحالة، ويمكن تصنيفها بحسب نوع السكتة:

1. السكتة الإقفارية:

• تصلب الشرايين: تراكم الدهون والكوليسترول على جدران الأوعية الدموية مما يؤدي إلى تضيقها أو انسدادها.
• جلطات الدم: تشكل الجلطات داخل الأوعية الدموية أو انتقال جلطات من أماكن أخرى مثل القلب إلى الدماغ.
• الرجفان الأذيني: نوع من اضطرابات نظم القلب يزيد من خطر تكون الجلطات في القلب وانتقالها إلى الدماغ.

2. السكتة النزفية:

• ارتفاع ضغط الدم: يعتبر من أهم عوامل الخطر التي تؤدي إلى تمزق الأوعية الدموية في الدماغ.
• تمدد الأوعية الدموية: حيث يتسبب الضغط العالي في ضعف جدار الوعاء الدموي وتمددها، مما يزيد من خطر تمزقها.
• اضطرابات النزف: مثل تناول أدوية مضادة للتخثر قد تزيد من خطر النزف الداخلي.

ما هي طرق العلاج؟

يعتمد العلاج على نوع السكتة وحالة المريض، بشكل عام يتم التركيز على إعادة تدفق الدم إلى الدماغ بسرعة لتقليل الضرر، ومن الطرق العلاجية:

1. الأدوية:

• في حالة السكتة الإقفارية (التخثرية)، يتم استخدام مذيبات الجلطات (الأنسجة المحللة للجلطات) خلال الساعات الأولى من ظهور الأعراض.
• أدوية مضادات التخثر مثل مميعات الدم تُستخدم لمنع تكوّن جلطات جديدة.
• في بعض الحالات، تُستخدم أدوية للتحكم في ضغط الدم أو علاج اضطرابات القلب.

2. الجراحة:

• في السكتات النزفية، قد يحتاج المريض إلى جراحة لإصلاح الأوعية الدموية التالفة أو إزالة الجلطات.
• في حالات السكتة الإقفارية التي لا تستجيب للأدوية، قد يتم استخدام القسطرة لإزالة الجلطة بشكل مباشر من الشريان المسدود.

3. التأهيل العصبي:

يحتاج العديد من المرضى إلى برنامج مكثف من العلاج الطبيعي والتأهيل العصبي لاستعادة وظائف الجسم المفقودة مثل الحركة أو النطق.

ما هي مضاعفات السكتة الدماغية؟

قد يكون لها مضاعفات طويلة الأمد، حيث أن التلف الدماغي قد يؤدي إلى مشاكل جسدية وعقلية دائمة، وتشمل:

1. ضعف الحركة: العديد من الناجين من السكتة يعانون من ضعف دائم في عضلات جانب واحد من الجسم.
2. فقدان القدرة على التواصل: حيث يعاني بعض المرضى من صعوبة في التحدث أو فهم الكلام (حبسة كلامية).
3. اضطرابات المزاج: قد تؤدي السكتة إلى الاكتئاب أو تقلبات مزاجية نتيجة للتغيرات في كيمياء الدماغ.
4. صعوبة في البلع: والتي قد تعرض المريض لخطر الاختناق أو الالتهاب الرئوي بسبب تسرب الطعام أو الشراب إلى الرئتين.
5. تغيرات معرفية: مثل مشاكل في الذاكرة أو القدرة على التركيز وحل المشكلات.

كيف يمكن الوقاية من السكتة الدماغية؟

تتطلب الوقاية التحكم في عوامل الخطر واتباع أسلوب حياة صحي مثل:

1. التحكم في ضغط الدم:

يشمل تقليل استهلاك الملح وممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتناول الأدوية الموصوفة عند الحاجة.

2. التحكم في مستويات السكر في الدم:

مرض السكري يزيد من خطر الإصابة بالسكتة لذا من الضروري إدارة مستويات السكر من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة وتناول الأدوية المناسبة.

3. الحفاظ على وزن صحي:

تزيد السمنة من مخاطر السكتة، لذا ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي صحي يمكن أن يساعد في الحفاظ على وزن مناسب.

4. الإقلاع عن التدخين:

يزيد التدخين من خطر تكون الجلطات الدموية وتضييق الأوعية الدموية، لذا الإقلاع عن التدخين يقلل من مخاطر السكتات بشكل كبير.

5. التحكم في مستويات الكوليسترول:

ارتفاع الكوليسترول يؤدي إلى تصلب الشرايين مما يزيد من خطر السكتة، يمكن تقليل ذلك من خلال تناول أطعمة غنية بالألياف وقليلة الدهون المشبعة وتناول الأدوية عند الحاجة.

6. ممارسة النشاط البدني:

ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يحسن صحة القلب والأوعية الدموية ويقلل من عوامل الخطر مثل ضغط الدم والوزن.

7. الامتناع عن استهلاك الكحول:

تناول الكحول يزيد من مخاطر السكتات والجلطات لذا يجب الامتناع عن تناوله تماماً.

8. إدارة التوتر:

قد يزيد التوتر والقلق من ضغط الدم، لذا قد تساعد تقنيات الاسترخاء مثل التأمل في تقليل التوتر.

9. استخدام الأدوية الوقائية:

في بعض الحالات مثل الرجفان الأذيني قد يصف الأطباء أدوية مضادة للتخثر مثل مميعات الدم لمنع تكون الجلطات.

10. إجراء الفحوصات الدورية:

المتابعة مع الطبيب بشكل دوري تساهم في الكشف عن عوامل الخطر المبكرة والسيطرة عليها قبل حدوث السكتة.

السكتة الدماغية حالة خطيرة قد تترك آثاراً دائمة على حياة المريض، لذلك الوقاية منها أمر بالغ الأهمية، كما أن التشخيص المبكر والعلاج الفوري هما المفتاح لتقليل حجم الأضرار الناتجة عن هذه الحالات المرضية.

 

المراجع

Tadi P, Lui F. Acute Stroke

Stroke. National Heart, Lung, and Blood Institute. 

Effects of stroke. American Stroke Association.

About stroke. Centers for Disease Control and Prevention.

Transient ischemic attack. Merck Manual Professional Version.

Stroke. National Institute of Neurological Disorders and Stroke.

Prevent stroke: What you can do. Centers for Disease Control and Prevention.